.................................................................................................
______________________________________________________
الفرق بين المقامين : أنّ صدق متعلّق التكليف على مصاديقه الخارجة ، فيما علم الخطاب تفصيلا وشكّ في بعض مصاديقه ـ في غير أوامر الإطاعة ـ لا يتوقّف على معرفة المصاديق تفصيلا أو إجمالا ، لأنّه إذا ورد : اجتنب عن الخمر ، وتردّد مائع عندنا بين كونه خمرا أو خلّا ، وكان خمرا في الواقع ، واجتنب عنه المكلّف ، صدق عليه في الواقع أنّه اجتنب عن الخمر ، فمع صدقه عليه يمكن أن يتوهّم شمول عموم وجوب الاجتناب له ، لوجود المقتضي وعدم المانع ، بخلاف الأمر بالإطاعة ، لأنّ موضوع الإطاعة إنّما يصدق مع العلم تفصيلا أو إجمالا بالتكليف الذي تعدّ موافقته إطاعة ، فمع عدم العلم بالتكليف الواقعي مطلقا ـ كما هو الفرض في المقام ـ لا يحصل موضوع الإطاعة بالموافقة الاحتماليّة ، حتّى يقال بوجوب الإطاعة في الواقع على تقدير وجود التكليف في الواقع بعموم ما دلّ على وجوب الإطاعة ، نظير ما قلناه في الشبهات الموضوعيّة. وإلى ما ذكرناه أشار المصنّف رحمهالله بقوله : «فهي كلّها تابعة لتحقّق الموضوع».
وفيه نظر ، أمّا بالنسبة إلى الأمر العقلي الدالّ على وجوب الإطاعة ، فإنّ الإطاعة وإن لم تجب ما لم يحصل العلم بالتكليف تفصيلا أو إجمالا ، إلّا أنّ عدم وجوب الإطاعة حينئذ غير عدم تحقّق موضوعها ، فالإطاعة للنهي الواقعي ـ على تقدير وجوده في الواقع ـ بالاجتناب عن الفعل ـ لاحتمال حرمته في الواقع ـ حاصلة وإن لم تجب هذه الإطاعة عقلا ، بناء على أخذ العلم في موضوع وجوبها عقلا. وأمّا بالنسبة إلى الأمر الشرعيّ ، فمع تحقّق موضوع الإطاعة كما عرفت تجب شرعا ، لفرض إطلاق الأمر بها. هذا ، مضافا إلى عدم انحصار الأمر في المقام فيما دلّ على وجوب الإطاعة ، لإمكان الاستدلال عليه بما دل على وجوب الاجتناب عن الفواحش والخبائث ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله سابقا. ولا يرد عليه ما أورده على أوامر الإطاعة.