نعم ، يمكن أن يقال في الشبهة في طريق الحكم بعد ما قام الدليل على حرمة الخمر : يثبت وجوب الاجتناب عن جميع أفرادها الواقعيّة ، ولا يحصل العلم بموافقة هذا الأمر العامّ إلّا بالاجتناب عن كلّ ما احتمل حرمته.
لكنّك عرفت الجواب عنه سابقا وأنّ التكليف بذي المقدّمة غير محرز إلّا بالعلم التفصيلي أو الإجمالي ، فالاجتناب عمّا يحتمل الحرمة (*) احتمالا مجرّدا عن العلم الإجمالي لا يجب ، لا نفسا ولا مقدّمة ، والله العالم.
الثالث : أنّه لا شكّ في حكم العقل والنقل برجحان الاحتياط مطلقا حتّى فيما كان هناك أمارة على الحلّ مغنية عن أصالة الإباحة ، إلا أنّه لا ريب في أنّ الاحتياط في الجميع موجب لاختلال النظام كما ذكره المحدّث المتقدّم ذكره ، بل يلزم أزيد ممّا ذكره ، فلا يجوز الأمر به من الحكيم ؛ لمنافاته للغرض والتبعيض بحسب الموارد ، واستحباب الاحتياط حتّى يلزم الاختلال أيضا مشكل ؛ لأنّ تحديده في غاية العسر ، فيحتمل التبعيض بحسب الاحتمالات ، فيحتاط في المظنونات ، وأمّا المشكوكات فضلا عن انضمام الموهومات إليها فالاحتياط فيها حرج مخلّ بالنظام ، ويدلّ على هذا العقل بعد ملاحظة حسن الاحتياط مطلقا واستلزام كلّيته الاختلال.
ويحتمل التبعيض بحسب المحتملات ، فالحرام المحتمل (١٣١٧) إذا كان من الامور المهمّة في نظر الشارع كالدماء والفروج ، بل مطلق حقوق الناس بالنسبة إلى حقوق الله تعالى ، يحتاط فيه ، وإلّا فلا.
ويدلّ على هذا : جميع ما ورد من التأكيد في أمر النكاح وأنّه شديد وأنّه يكون منه الولد ، منها : ما تقدّم من قوله صلىاللهعليهوآله : «لا تجامعوا على النكاح بالشبهة» ، قال عليهالسلام : «فإذا بلغك أنّ امرأة أرضعتك» ـ إلى أن قال ـ : «إنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة».
______________________________________________________
١٣١٧. مبتدأ ، وخبره محذوف ، أي : يستحبّ فيه الاحتياط.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «الحرمة» ، الخمريّة.