.................................................................................................
______________________________________________________
هو التمسّك بالبراءة الأصليّة. وقد اقتنع في المعالم عن عنوان مسألة البراءة بمبحث الاستصحاب ، إلى غير ذلك من كلماتهم الصريحة أو الظاهرة في كون أصالة البراءة قسما من الاستصحاب.
وكيف كان ، فقد ظهر لك عدم صحّة أخذ أصالة البراءة بمعنى الاستصحاب كما توهّمه المحقّق القمي رحمهالله. وأمّا أخذها بمعنى الراجح ـ أعني : الظنّ ـ فهو أيضا غير صحيح ، لأنّ أصالة البراءة المبنيّة على قبح العقاب بلا بيان إن قيست إلى الواقع فهي لا تفيد الظنّ ، وإن قيست إلى الظاهر فهي تفيد القطع دون الظنّ. ومن هنا جاز العمل بها مع الظنّ غير المعتبر على خلافها.
وأمّا أخذها بمعنى الدليل فهو أيضا غير صحيح كما تقدّم في كلام صاحب الفصول. وحينئذ لا بدّ أن يؤخذ بمعنى القاعدة ، وهي حكم العقل على سبيل القطع بعدم التكليف ظاهرا عند الشكّ فيه بحسب الواقع ، لاستقلاله بقبح التكليف بلا بيان وهذه القاعدة مطّردة في جميع موارد استصحاب النفي وإن تغايرا مفهوما ، فتأمّل ، لأنّ كلمات القوم غير محرّرة في المقام.
ثمّ اعلم أنّ هاهنا اصولا أخر سوى الاصول الأربعة العمليّة ، قد تداولت بينهم ، واستعملوها في كتبهم ، مثل كون عدم الدليل دليل العدم ، والبناء على الأقلّ عند دوران الأمر بينه وبين الأكثر ، وعلى الأخفّ عند دوران الأمر بينه وبين الأثقل ، وغيرها. وهي إن رجعت إلى أحد الأربعة المذكورة فهو ، وإلّا فلا دليل عليها. نعم ، أصالة الإباحة معتبرة في نفسها ، ومغايرة للأربعة المذكورة. وقد ذكروا في التفصّي عن الإشكال الوارد على البحث عنها بعنوان مستقلّ في الكتب الاصوليّة ، بكون البحث عن أصالة البراءة مغنيا عنها من حيث كونها أعمّ منها ، وجوها كثيرة. وأرى ترك التعرّض لها وتمييز صحيحها عن سقيمها أولى ، لأنّ الاشتغال بالأهمّ فالأهمّ هو الأهمّ ، وإن كان التعرّض لها ، بل بسط الكلام في تحقيق ما هو الأحقّ بالقبول منها في مسألة أصالة الإباحة مناسبا للمقام ، وفّقنا الله