من عدم وجوب الاجتناب عن الإناء الذي علم بوقوع النجاسة فيه أو في خارجه ؛ إذ لا يخفى أنّ خارج الإناء ـ سواء كان ظهره أو الأرض القريبة منه ـ ليس ممّا يبتلي به المكلّف عادة ، ولو فرض كون الخارج ممّا يسجد عليه المكلّف التزمنا بوجوب الاجتناب عنهما ؛ للعلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين حرمة الوضوء بالماء النجس وحرمة السجدة على الأرض النجسة.
ويؤيّد ما ذكرنا (١٥٢١) صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه عليهماالسلام ، الواردة فيمن رعف فامتخط (١٥٢٢) فصار الدم قطعا صغارا فأصاب إنائه ، هل يصلح الوضوء منه؟ فقال عليهالسلام : «إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس به ، وإن كان شيئا بيّنا فلا» (٨). حيث استدلّ به الشيخ قدسسره على العفو عمّا لا يدركه الطرف من الدم ، وحملها المشهور على أنّ إصابة الإناء لا يستلزم إصابة الماء ، فالمراد أنّه مع عدم تبيّن شىء في الماء يحكم بطهارته ، ومعلوم أنّ ظهر الإناء وباطنه الحاوي للماء من الشبهة المحصورة. وما ذكرنا واضح لمن تدبّر ، إلّا أنّ الإنصاف (١٥٢٣) أنّ تشخيص موارد الابتلاء لكلّ من المشتبهين وعدم الابتلاء بواحد معيّن منهما كثيرا ما يخفى.
______________________________________________________
للجنب ارتكابه ، استصحابا للطهارة. نعم ، لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر ، بناء على كون المدار في صحّة الاقتداء على الصحّة عند المأموم دون الإمام.
١٥٢١. لأنّ حمل المشهور للصحيحة على صورة كون الشبهة محصورة ، مع قولهم فيها بوجوب الاحتياط ، لا يتمّ إلّا على اشتراط وجوب الاجتناب عندهم بكون كلّ من طرفي الشبهة محلّ ابتلاء للمكلّف ، وعلى كون مورد الصحيحة ممّا خرج أحد طرفي الشبهة فيها من محلّ الابتلاء.
١٥٢٢. قال الطريحي : «المخاط بضمّ الميم ما يسيل من أنف الحيوان من الماء ، امتخط رمى به من أنفه».
١٥٢٣. هذا بيان لميزان العمل في موارد الشكّ في الابتلاء وعدمه ، بعد بيان اشتراط وجوب الاجتناب به. وتحقيق المقام يتوقّف على بيان مقدّمة ، وهي أنّ عموم التكليف إذا ثبت إمّا أن يثبت بدليل لبّي كالإجماع ونحوه ، وإمّا بدليل لفظي. وعلى الثاني : إمّا أن يكون اللفظ مجملا ، كالصلاة على القول بكون ألفاظ