السابع : قد عرفت (١٥٤٨) أنّ المانع من إجراء الأصل في كلّ من المشتبهين بالشبهة المحصورة هو العلم الإجمالي المتعلّق بالمكلّف به ، وهذا العلم قد ينشأ عن اشتباه المكلّف به كما في المشتبه بالخمر أو النجس أو غيرهما ، وقد يكون من جهة اشتباه المكلّف ، كما في الخنثى العالم إجمالا بحرمة إحدى لباسي الرجل والمرأة عليه ، وهذا من قبيل ما إذا علم أنّ هذا الإناء خمر أو أنّ هذا الثوب مغصوب.
______________________________________________________
ولعلّه إلى ذلك أشار المصنّف رحمهالله بأمره بالتأمّل. ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنّ الكلام في سقوط الظواهر عن الظهور بالعلم الإجمالي بخلافها في المقام وعدمه ، إنّما هو فرع جواز التمسّك بها في الشبهات الموضوعيّة ، كما حكي عن المحقّق الكركي ، وإلّا ـ كما هو الحقّ المحقّق في محلّه ـ فلا وقع للفرق المذكور ، لوضوح عدم ظهورها في الشمول للموضوعات المشتبهة ولو بالشكّ البدوي فضلا عن المشوب بالعلم الإجمالي ، كما إذا ورد وجوب إكرام العلماء ، وتردّد الأمر في شخص بين كونه عالما وجاهلا ، إذ لا ريب أنّ خطاب الأمر بإكرام العلماء لا يقتضي كونه عالما أو جاهلا بالخصوص إذا لم يعلم بكونه مسبوقا بأحد الوصفين. وكذا في ما نحن فيه إذا لم يعلم المكلّف بكون الصادر عنه من مصاديق البيع الربوي أو غيره ، فعموم حلّية البيع أو حرمة الرّبا لا يقضي كونه من أحد القبيلين.
١٥٤٨. لا يذهب عليك أنّ وجه مناسبة ذكر مسألة الخنثى من تنبيهات الشبهة المحصورة هو اشتباه المكلّف به مع كون الشبهة ناشئة من اشتباه مصداق المكلّف. وربّما يقال بعدم كفاية مجرّد ذلك فيها ، لأنّ الكلام في الشبهة المحصورة إنّما هو فيما اشتبه مصداق الحرام بعد العلم بالحرمة ، ولا ريب في عدم اشتباه مصداق الحرام في مسألة الخنثى ، بل نفس الخطاب المتوجّه إليها ، وإن كان الاشتباه فيه ناشئا من الاشتباه في مصداق المكلّف الذي توجّه إليه الخطاب في الواقع. فالأنسب ذكرها في ذيل مسائل الشبهة الحكميّة من مسائل الشكّ في المكلّف به ، لأنّها وإن كانت خارجة من المقامين إلّا أنّها بالأخيرة ألصق.