وقد عرفت في الأمر الأوّل أنّه لا فرق بين الخطاب الواحد المعلوم وجود موضوعه بين المشتبهين وبين الخطابين المعلوم وجود موضوع أحدهما بين المشتبهين. وعلى هذا فيحرم (١٥٤٩) على الخنثى كشف كلّ من قبليه (١٥٥٠) ؛ لأنّ أحدهما عورة قطعا والتكلّم مع الرجال والنساء إلّا لضرورة ، وكذا استماع صوتهما وإن جاز للرجال والنساء استماع صوتها بل النظر إليها ؛ لأصالة الحلّ ، بناء على عدم العموم (١٥٥١) في آية «الغضّ» للرجال (١٥٥٢) وعدم جواز التمسّك (١٥٥٣)
______________________________________________________
١٥٤٩. لا يخفى أنّ في حكم الخنثى وجوها ستّة ـ أقواها ما اختاره المصنّف رحمهالله ـ قد تقدّمت مع ما يتعلّق بفروع المسألة على مختاره في صدر الكتاب ، وبملاحظته تتبصّر هنا ، فراجع.
١٥٥٠. من آلتي الرجوليّة والأنوثيّة.
١٥٥١. هذا بالنسبة إلى حرمة نظر الرجل إلى الخنثى ، قال الله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ.) وتوهّم العموم فيه إنّما هو بالنظر إلى إطلاقه ، من جهة عدم تقييد الغضّ فيه بكون الغضّ من غير الخنثى ، فهو بإطلاقه يشملها والرجال والنساء ، غاية الأمر أنّه قد خرج منه نظر الرجل إلى أمثاله وإلى من يجوز النظر إليها من النساء الأقارب ، فتبقى حرمة نظر الرجل إلى الخنثى مندرجة تحت إطلاقه.
وأمّا وجه عدم العموم ، فلكون الفعل فيه ممّا حذف متعلّقه ، فاعتبار العموم فيه تابع لتقدير لفظ عامّ يشمل الخنثى وغيرها ، ولا قرينة له. ومع التسليم فالشبهة موضوعيّة ، لفرض عدم كون الخنثى طبيعة ثالثة ، فهي داخلة في أحد القبيلين ، فلا يجوز التمسّك فيها بالعموم أو الإطلاق.
١٥٥٢. صفة للغضّ.
١٥٥٣. هذا بالنسبة إلى حرمة نظر النساء إلى الخنثى ، قال الله سبحانه : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا