.................................................................................................
______________________________________________________
التديّن مقتضيا لذلك ، وتكون مخالفته ناشئة من الدواعي الخارجة. وفي موارد الشكّ يدفع احتمال وجود الدواعي الخارجة بالأصل ، فيكون الأصل في جميع أفعال المسلمين وأقوالهم صدورها على طبق شرع الإسلام. ولعلّه لذا جنح ابن جنيد والشيخ ـ فيما حكي عنهما إلى أنّ الأصل في المؤمن العدالة.
ويرد عليه أوّلا : منع كون التديّن بدين مقتضيا لصدور أفعال المتديّن بهذا الدين ، وأقواله على طبق هذا الدين ، لأنّ غاية ما يقتضيه التديّن اعتقاد صدق هذا الدين وحقّية ما جاء به صاحب الدين ، وأمّا اقتضائه لبناء المتديّن أفعاله وأقواله على طبق هذا الدين بحيث يكون ذلك هو الداعي والباعث فيهما فلا. نعم ، له مدخليّة في ذلك في الجملة ، لا بحيث يكون مقتضيا تامّا. بل التحقيق أنّ صدور الأفعال والأقوال ـ سيّما العاديّات منها ـ إنّما هو عن الدواعي النفسانيّة ، بحسب ما يلاحظ فيها من المصالح والمفاسد الدنيويّة المرتّبة عليهما. ورفع اليد عن المنافع الدنيويّة والإعراض عنها في بعض الموارد ـ لأجل الفرار عن ارتكاب المحرّم ـ إنّما هو من قبيل القهر والغلبة للنفس ، ومنعها من مشتهياتها من جلب المنافع ودفع المضارّ ، وإن استلزم الاقتحام في المهالك الاخرويّة. نعم ، ربّما يوجد أوحدي من الناس يكون بنائه في جميع أفعاله وأقواله على ملاحظة أحكام الشرع ، بحيث يكون ذلك طبيعة ثانية له تبعث على صدور الأفعال والأقوال عنه على مقتضاها.
وثانيا : مع التسليم أنّ دفع احتمال المانع بالأصل لا يثبت وجود المقتضي على وجه يعمل عمله إلّا على القول بالاصول المثبتة ، لأنّ أحدا إذا رمى سهما بحيث علمنا بأنّه لو لا الحائل لقتل زيدا ، فكما أنّ أصالة عدم الحائل لا تثبت القتل هنا ليطالب الرامي بدمه ، كذلك فيما نحن فيه ، لأنّ أصالة عدم داعي صدور العقد فاسدا لا تثبت صحّته.
نعم ، ربّما يفرّق بين الموانع الشرعيّة وغيرها ، كما يظهر من الكركي وصاحب الجواهر وبعض آخر ، بأنّ المانع إن كان شرعيّا يمكن إحراز المقتضي