.................................................................................................
______________________________________________________
بأصالة عدم المانع ، إذ كما أنّ ثبوت المانع الشرعيّ بحسب الشرع كذلك ارتفاعه ، فإذا ارتفع بحكم الأصل ثبت وجود المقتضي لا محالة ، بخلاف ما لو كان المانع عقليّا أو عاديّا كما في مثال الرمي ، فإنّ ثبوت الموانع العقليّة والعاديّة وارتفاعها إنّما هو بحسب العقل والعادة ، فإن كان هنا حكم عقليّ أو عاديّ حكم به وإلّا فلا ، كما في مباحث الألفاظ إذا شكّ في وجود القرينة ، أو نقل اللفظ عن معنى إلى آخر ، أو ورود الكلام تقيّة أو سهوا أو نسيانا ، فإنّ هذه كلّها موانع من حمل الكلام على حقيقته ، أو على المنقول عنه ، وعن إرادة المتكلّم بيان الواقع. وقد استقرّ بناء العقلاء على اعتبار الاستصحاب هنا ، فبأصالة عدم المانع يحكم بإرادة الحقيقة وبيان الواقع ، بخلاف ما لو قلنا باعتباره من باب الأخبار.
ولما ذكرناه قد فرّقوا بين كون الحرير مانعا من صحّة الصلاة ، وبين كون عدمه شرطا لها ، لأنّه إذا شكّ في كون لباس المصلّي حريرا وعدمه ، فعلى الأوّل يحكم بصحّة صلاته ، لأصالة عدم المانع ، لما عرفت من كون أصالة عدم المانع الشرعيّ مثبتة لوجود المقتضي ، بخلافه على الثاني ، إذ لا بدّ من إحراز وجود الشرط في الحكم بالصحّة ، كيف لا والأصل عدمه.
ومثله الكلام في الماء الذي لم تعلم كريّته ولا قلّته سابقا ، كالمخلوق في الساعة إذا لاقى نجسا ، لأنّا إن قلنا بكون الكريّة عاصما ومانعا من الانفعال بالملاقاة ، يحكم بتنجّسه بأصالة عدم المانع ، مع وجود المقتضي له وهي الملاقاة. وإن قلنا بكون القلّة شرطا في الانفعال ، فلا بدّ في الحكم بتنجّسه من إحراز شرطه.
والتحقيق عدم الفرق بين الموانع ، بل إن كان الحكم في الأدلّة مرتّبا على مجرّد عدم المانع أمكن إثباته بأصالة عدمه ، وإن كان مرتّبا على نفس الممنوع منه ، كترتّب وجوب القصاص على عنوان القتل في مثال الرمي ، لا يمكن إثباته بأصالة عدم المانع حينئذ إلّا على القول بالاصول المثبتة ، من دون فرق بين الموانع. نعم ، يتمّ