.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك لو قلنا باعتبار الاستصحاب من باب بناء العقلاء ، لأنّ لازمه القول باعتبار الاصول المثبتة ، كما قرّره المصنّف رحمهالله في محلّه.
ومن هنا يظهر ضعف الفرق بين كون الحرير مانعا أو عدمه شرطا ، مع أنّ أصالة عدم المانع في المثال فرع العلم بعدمه في السابق حتّى يصحّ استصحابه اللهمّ إلّا أن يتشبّث بأصالة عدم المانع في هذا المورد مطلقا ، وهي مستلزمة لعدم كون هذا اللباس أيضا مانعا ، لاستلزام انتفاء الكلّي انتفاء أفراده ، ولكنّه إنّما يتمّ على القول بالاصول المثبتة.
وأمّا ما ذكر من كون ثبوت الموانع العقليّة والعاديّة وارتفاعها بحسب حكم العقل والعادة ، ففيه : أنّ المقصود من أصالة عدم المانع العقلي أو العادّي ليس إثبات عدمها في الواقع حتّى يدّعى عدم إثبات الأصل لذلك ، بل المقصود منها إثبات الآثار الشرعية المرتّبة على عدمهما ، فإن كان الحكم مرتّبا على عدمهما فهو يثبت بنفيه بالأصل ، وإن كان مرتّبا على نفس الممنوع منه فهو لا يثبته إلّا على القول بالاصول المثبتة على ما عرفت.
وثالثا : مع التسليم أنّ التديّن بدين إنّما يقتضي صدور أفعال المتديّن وأقواله على طبق هذا الدين إذا كان عارفا بأحكامه ، لوضوح عدم اقتضائه لذلك بالنسبة إلى الجاهل فضلا عن المعتقد بخلافها. وكلمات العلماء في الحمل على الصحّة تعمّ العالم والجاهل ، بل المعتقد بالخلاف أيضا ، ولذا تحمل المعاملة الصادرة عن شخص على الصحّة وإن علمنا بجهله بأكثر أحكامها ، أو كان معتقدا بحلّية الميتة أو حصول الطهارة بالدبغ أو نحو ذلك ، فبمجرّد احتمال موافقة المعاملة للواقع يحكم بصحّتها ، ويكون اللحم أو الجلد المبيع ملكا للمشتري.
وربّما يستدلّ على القاعدة أيضا بوجهين آخرين سوى ما أشار إليه المصنّف رحمهالله :
أحدهما : دليل الانسداد ، لأنّه يفيد اعتبار الظنّ حيث تمّت مقدّماته ، ولا يختصّ