يشرب الخمر في مجلس يظنّ أنّه مجلس الشرب. وكيف كان ، فعدم وفاء الأخبار بما نحن بصدده أوضح من أن يحتاج إلى البيان حتّى المرسل الأوّل ، بقرينة ذكر الأخ وقوله عليهالسلام : " ولا تظنّنّ ...".
وممّا يؤيّد ما ذكرنا (٢٦٦٥) أيضا ما ورد في غير واحد من الروايات من عدم جواز الوثوق بالمؤمن كلّ الوثوق ، مثل : رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : " لا تثقنّ بأخيك كلّ الثقة ، فإنّ صرعة الاسترسال (٢٦٦٦)
______________________________________________________
ولا يخفى أنّ الجمع الثاني أولى. أمّا أوّلا : فإنّ المراد بتكذيب السمع والبصر في صدر الرواية ـ كما ذكره المصنّف رحمهالله ـ تكذيبهما فيما يفهمان من ظواهر بعض الأفعال من القبح ، والمناسب للتفريع على هذا المعنى حمل تصديق الأخ على كون خبره باعتبار كونه فعلا من الأفعال مباحا ، ومع حمل تصديقه على هذا المعنى لا بدّ أن يراد بتكذيب القسامة عدم ترتيب آثار الواقع عليه ، لعدم إمكان حمله على مقابل التصديق بالمعنى المذكور ، لاستلزامه ترجيح المرجوح ، ومنافاته للتفريع المذكور.
وأمّا ثانيا : فإنّ حمل تصديق الأخ على مطابقة الواقع والاعتقاد ، وتكذيب القسامة على مخالفة الواقع وإن وافق اعتقاده ، ترجيح للمرجوح لا محالة. ثمّ إنّه قد استثني من الرواية مواضع وجوب قبول شهادة المؤمن على المؤمن وإن أنكر المشهود عليه.
٢٦٦٥. وجه التأييد : أنّه لو كان المراد بالأخبار المتقدّمة حمل فعل المسلم على الصحيح بمعنى حمل آثار الصحّة عليه ، لنافتها هذه الأخبار الناهية عن الوثوق بالمؤمن كلّ الوثوق ، وعن حسن الظنّ بالمؤمن مع غلبة الفساد على الزمان وأهله ، فوجه الجمع بينهما ما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : «فإنّ الجمع بينها ...».
٢٦٦٦. الصرع : الطرح على الأرض. وفي المجمع : «الاسترسال : الاستئناس والطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدّثه. وأصله السكون والثبات» إلى أن قال : «ومنه : لا تثق بأخيك الحديث ، كأنّ المراد : يعرض له ما يثنيه عنك» انتهى.