غياث ـ بعد الحكم بأنّ اليد دليل الملك ، ويجوز الشهادة بالملك بمجرّد اليد ـ : " إنّه لو لا ذلك لما قام للمسلمين سوق" ، فيدلّ بفحواه على اعتبار أصالة الصحّة في أعمال المسلمين ، مضافا إلى دلالته بظاهر اللفظ ، حيث إنّ الظاهر (٢٦٧٦) أنّ كلّ ما لولاه لزم الاختلال فهو حقّ ؛ لأنّ الاختلال باطل ، والمستلزم للباطل باطل ، فنقيضه حق ، وهو اعتبار أصالة الصحّة عند الشكّ في صحّة ما صدر عن الغير. ويشير إليه أيضا ما ورد من نفي الحرج وتوسعة الدين وذمّ من ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم.
وينبغي التنبيه على امور : الأوّل : أنّ المحمول عليه فعل المسلم ، هل الصحّة باعتقاد الفاعل أو الصحّة الواقعيّة (٢٦٧٧)؟ فلو علم أنّ معتقد الفاعل ـ اعتقادا يعذر فيه (٢٦٧٨) ـ صحّة البيع أو النكاح بالفارسية في العقد ، فشكّ فيما صدر عنه مع اعتقاد الشاكّ اعتبار العربيّة فهل يحمل على كونه واقعا بالعربيّة ، حتّى إذا ادّعي عليه أنّه أوقعه بالفارسيّة ، وادّعى هو أنّه أوقعه بالعربيّة ، فهل يحكم الحاكم المعتقد بفساد الفارسيّة بوقوعه بالعربيّة أم لا؟ وجهان ، بل قولان :
ظاهر المشهور الحمل على الصحّة الواقعيّة ، فإذا شكّ المأموم في أنّ الإمام المعتقد بعدم وجوب السورة ، قرأها أم لا؟ جاز له الائتمام به ، وإن لم يكن له ذلك إذا علم بتركها.
ويظهر من بعض المتأخّرين (٢٦٧٩) خلافه ، قال في المدارك في شرح قول المحقّق : " ولو اختلف الزوجان فادّعى أحدهما وقوع العقد في حال الإحرام وأنكر الآخر ،
______________________________________________________
٢٦٧٦. لعلّه مبنيّ على كون اختلال السوق في الرواية كناية عن اختلال نظام امورهم معادا ومعاشا.
٢٦٧٧. بعبارة اخرى : الصحّة باعتقاد الحامل.
٢٦٧٨. لاجتهاد أو تقليد. وقوله : «صحّة البيع» خبر «أنّ».
٢٦٧٩. وجه الظهور : أنّ تفصيله بين علم الفاعل بصحّة العقد في حال الإحلال وفساده في حال الإحرام ، وبين جهله بذلك ، بمعنى اعتقاد الصحّة في الحالين ، بتسليمه جريان القاعدة وإثباتها للصحّة الواقعيّة في الأوّل دون الثاني ،