فالقول قول من يدّعي الإحلال ترجيحا لجانب الصحّة" ، قال : إنّ الحمل على الصحّة إنّما يتمّ إذا كان المدّعي لوقوع الفعل في حال الإحرام عالما بفساد ذلك ، أمّا مع اعترافهما بالجهل ، فلا وجه للحمل على الصحة ، انتهى. (١٢)
ويظهر ذلك من بعض من عاصرناه في اصوله وفروعه ، حيث تمسّك لهذا الأصل بالغلبة ، بل ويمكن إسناد هذا القول إلى كلّ من استند في هذا الأصل إلى ظاهر حال المسلم ، كالعلّامة وجماعة ممّن تأخّر عنه ، فإنّه لا يشمل إلّا صورة (٢٦٨٠) اعتقاد الصحّة ، خصوصا إذا كان قد أمضاه الشارع لاجتهاد أو تقليد أو قيام بيّنة أو غير ذلك.
______________________________________________________
يقتضي تخصيص مؤدّاها بالصحّة عند الفاعل ، إذ لو كان مؤدّاها عنده الصحّة الواقعيّة لم يكن وجه للتفصيل ، إذ لا بدّ حينئذ من الحمل على الصحّة ولو مع جهل الفاعل ، إذ يكفي فيه احتمال مطابقة الفعل للواقع ولو اتّفاقا وغفلة ونسيانا من الفاعل.
فالتفصيل مبنيّ على كون مؤدّاها هي الصحّة عند الفاعل ، إذ يصحّ حينئذ أن يقال : إنّ الفاعل إن اعتقد صحّة العقد في حال الإحلال وفساده في حال الإحرام ، اتّحدت الصحّة عند الفاعل والحامل ، فتكون الصحّة عند الفاعل حينئذ هي الصحّة الواقعيّة ، أعني : الصحّة باعتقاد الحامل ، فالحمل على الصحّة حينئذ ولو باعتقاد الفاعل يستلزم الصحّة الواقعيّة ، بخلاف ما لو اختلف اعتقاد الفاعل والحامل ، بأن اعتقد الفاعل الصحّة في كلّ من حالتي الإحرام والإحلال ، واعتقد الحامل اختصاصها بحالة الإحلال ، بأن كان بين معتقدهما عموم مطلقا ، وحينئذ فالحمل على الصحّة على اعتقاد الفاعل لا يستلزم الصحّة على اعتقاد الحامل.
٢٦٨٠. لأنّ ظاهر حال المسلم إيقاع الفعل على حسب اعتقاده طابق الواقع أم لا ، فلو كان مرادهم من الصحّة الصحّة الواقعيّة كان الدليل أخصّ من المدّعى من وجه ، لعدم شموله لصورة جهل الفاعل ، وأعمّ من وجه آخر ، لعدم إفادته للصحّة الواقعيّة مع اعتقاد الفاعل بخلاف الواقع.