أنّ الشاكّ في الفعل الصادر من غيره : إمّا أن يكون عالما بعلم الفاعل بصحيح الفعل وفاسده ، وإمّا أن يكون عالما بجهله وعدم علمه ، وإمّا أن يكون جاهلا بحاله. فإن علم بعلمه بالصحيح والفاسد : فإمّا أن يعلم بمطابقة اعتقاده لاعتقاد الشاكّ ، أو يعلم مخالفته ، أو يجهل الحال.
لا إشكال في الحمل في الصورة الاولى. وأمّا الثانية ، فإن لم يتصادق اعتقادهما بالصحّة في فعل ـ كأن اعتقد أحدهما وجوب الجهر بالقراءة يوم الجمعة ، والآخر وجوب الإخفات ـ فلا إشكال في وجوب الحمل على الصحيح باعتقاد الفاعل.
______________________________________________________
في حال الإحرام ـ وعدمه ، إذ الفرض استكمال العقد أركانه ، فيقال : الأصل عدم طروّ المفسد عليه ، فلا وجه لفرض كلّ منهما مدّعيا ومنكرا. ودعوى أنّ الغرض من نفي المفسد بالأصل إثبات وقوع العقد في حال الإحلال ، والأصل عدمه أيضا ، ضعيفة ، لأنّ الغرض من نفي المفسد ليس إثبات وقوعه في حال الإحلال وإلّا كان الأصل مثبتا ، بل الغرض نفيه ساكتا عن وقوعه في حال الإحلال ، لأنّ شرط صحّة العقد عدم وقوعه في حال الإحرام ، لا وقوعه في حال الإحلال حتّى يحتاج إلى إثباته بنفي ضدّه بالأصل ، كي يعارض ذلك بمثله.
وبالجملة ، إنّ صحّة العقد وفساده يترتّبان على عدم وقوعه في حال الإحرام ووقوعه فيه ، فبمجرّد نفي هذا الوصف تثبت صحّته. ولا تصحّ معارضته بأصالة عدم وقوعه في حال الإحلال ، لما عرفت من عدم ترتّب الصحّة على تحقّق هذا الوصف حتّى يحتاج في الحكم بها إلى إحرازه ، ليعارض ما ذكرناه بأصالة عدم هذا الوصف أيضا.
نعم ، تمكن الخدشة فيما ذكرناه أيضا بأنّه إن اريد بأصالة عدم المفسد أصالة عدمه مطلقا في هذا المورد ، ليثبت به عدم المفسد الخاصّ ، وهو وقوع العقد في حال الإحرام ، فهو لا يتمّ إلّا على القول بالاصول المثبتة. وإن اريد بها أصالة عدم المفسد الخاصّ ، فهو فرع العلم بخلوّ العقد من هذا المفسد في زمان حتّى يستصحب