الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(١) ، ولذا يمكن دعوى أن خروج الموارد التي يكون التكليف في أصله ضرريا للمصلحة الموجودة في متعلقه جعله امتنان ، فلا يعم مواردها قاعدة نفي الضرر ، وهذه الدعوى على إطلاقها محل تأمل ، إلّا أنه إذا كان من قبيل جعل الحكم والتكليف لواقع الضرر بخصوصه فلا يرتفع كسائر الأحكام الموضوعة لعنوان الخطأ والنسيان وغيرهما.
وعلى الجملة : قاعدة نفي الضرر لا تشمل الموارد التي يكون الحكم والتكليف فيها موجبا لعدم نفع المكلف ، كموارد تعلق الخمس بالمال حيث إن المكلف لا يملك من الربح مقدار الخمس ، وكذا لا يشمل موارد الحكم بتدارك الضرر ، بل لا يكون تخصيصها بالدليل القائم على ثبوت الحكم والتكليف الضرريين في أصلهما ، نعم ثبوتهما في مورد كونهما ضررين كشراء ماء الوضوء ولو بثمن غال تخصيص ، وهذه الموارد ليست بحيث يوجب خروجها عن قاعدة نفي الضرر الاستهجان في خطاب نفيه ، فيؤخذ بعموم القاعدة في الموارد التي يقتضي إطلاق خطاب التكليف والوضع اللازم له ثبوتهما حتى في حال كونهما ضرريين ، ويحكم باختصاصهما بغير حال الضرر ، وإذ قام دليل على ثبوت ذلك الحكم حتى في حال كونه ضرريا في مورد يكون مخصصا للقاعدة كقيام الدليل على تنجس الزيت والمرق بملاقاة النجاسة أيضا كسائر الأشياء الطاهرة ، وقد ظهر مما ذكرنا أن قاعدة نفي الضرر تنحصر حكومتها على الموارد التي يكون إطلاق خطاب التكليف أو الوضع الملازم له مقتضيا لثبوت ذلك التكليف والوضع حتى في مورد كونهما
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٧٩.