في بقائها على تقدير ثبوتها ، من الإشكال بأنّه لا يقين بالحكم الواقعي ، ولا يكون هناك حكم آخر فعليّ ، بناء على ما هو التحقيق ، من أن قضيّة حجيّة الأمارة ليست إلّا تنجّز التكاليف مع الإصابة والعذر مع المخالفة ، كما هو قضية الحجة المعتبرة عقلا ، كالقطع والظن في حال الانسداد على الحكومة ، لا إنشاء أحكام فعليّة شرعية ظاهرية ، كما هو ظاهر الأصحاب.
______________________________________________________
بالحدوث كيف وقد ذكر قدسسره سابقا في بيان المصحح لاستعمال كلمة النقض أنه بلحاظ ما في نفس اليقين من الإبرام والاستحكام ومقتضى ذلك أن يلاحظ في التعبد بالبقاء في ظرف الشك فيه فرض اليقين بالثبوت ، ولحاظه في موضوع اعتبار الاستصحاب من جهة طريقيته لا يفيد في قيام الأمارات مقامه على مسلكه كما التزم بذلك في بحث أخذ العلم في موضوع الحكم ولو بنحو الطريقية مع أنه لا يناسبه استعمال كلمة النقض كما ذكرنا ، والمتعين في الجواب عن الإشكال ما ذكرنا في اعتبار الأمارات من أن معنى اعتبارها هو اعتبارها علما بالواقع فتكون الحالة السابقة المحرزة بالأمارة محرزة بالعلم فيعتبر ذلك العلم بالحدوث علما بالبقاء أيضا.
وقد اورد على الماتن في تصحيحه جريان الاستصحاب في موارد ثبوت الحالة السابقة بالأمارة بوجه آخر وهو أن الالتزام بأن مدلول أخبار الاستصحاب هو الملازمة بين ثبوت الشيء وبقائه لا يمكن أن يكون المراد الملازمة الواقعية ؛ لأن الأشياء مختلفة بعضها لا يبقى بعد حصوله ، وبعضها يبقى ويختلف الباقي في زمان البقاء فكيف يمكن أن تكون ملازمة واقعية بين ثبوت شيء وبقائه ، بل لازم الملازمة الواقعية أن يكون الاستصحاب من الأمارات ويكون مقتضاه أي مقتضى أخباره أن الأمارة القائمة بثبوت شيء أمارة ببقائه واقعا نظير ما دل على وجوب التقصير في السفر إلى أربعة فراسخ إذا عاد منه بأن صار ثمانية فراسخ ذهابا وإيابا من غير انقطاعه