إلّا الشك في بقاء شيء كان على يقين من ثبوته ، واختلاف نحو ثبوته لا يكاد يوجب تفاوتا في ذلك.
وبالجملة : يكون الاستصحاب متمّما لدلالة الدليل على الحكم فيما أهمل أو أجمل ، كان الحكم مطلقا أو معلقا ، فببركته يعم الحكم للحالة الطارئة اللاحقة كالحالة السابقة ، فيحكم ـ مثلا ـ بأن العصير الزبيبي يكون على ما كان عليه سابقا في حال عنبيّته ، من أحكامه المطلقة والمعلّقة لو شك فيها ، فكما يحكم ببقاء
______________________________________________________
لحرمتها أن بالغليان يحدث في تناول العصير والعنب مفسدة تدعو إحرازه الحاكم إلى جعل الحرمة فهذا يكون بالتكوين لا بالجعل الشرعي بلا فرق بين أن يكون الموجد للمفسدة نفس الغليان أو كان الغليان يستلزم حصولها وإن اريد بالسببية أن حدوث الغليان للعصير بعد جعل السببية توجب حدوث الحرمة بلا إنشاء الحرمة بأن تكون الحرمة من الامور القهرية فهذا أمر غير معقول ؛ لأن الأثر الإنشائي لا يوجد إلّا بالإنشاء ولو كان إنشاؤه من قبل بنحو القضية الحقيقية ، وإن اريد من السببية جعل الحرمة للعصير عند غليانه فهذا يرجع إلى جعل الحرمة للعصير أو العنب بأحد النحوين الأولين ، ومرجعهما إلى جعل الحرمة للعصير باعتبار أن غليانه قيد لحرمته أو لموضوعها وذكرنا أن الخطاب إذا تضمن ثبوت الحرمة للعصير أو العنب فقد يكون الغليان في ذلك الخطاب قيدا لنفس الحرمة كما هو مدلول قوله : العصير إذا غلى يحرم ، وقد يكون قيدا لنفس العصير كما إذا قال : العصير المغلي حرام ، ولكن هذا الاختلاف إنما هو في المدلول الاستعمالي ومقام الإثبات ، وأما بالإضافة إلى مقام الثبوت لا اختلاف بين الفرضين وهو كون الحرمة مجعولة للعصير عند غليانه فلا يكون الحرمة المجعولة بالإضافة إلى عصير أو عنب لا غليان فيه ، وإنما يكون اختلاف الخطابين في المدلول الاستعمالي فقط حيث إنه إذا اخذ الغليان قيدا