لم يكن مجال فيه لأصالة البراءة [١] كما هو حالها مع سائر القواعد
______________________________________________________
[١] في كلام الفاضل التونى لجريان البراءة ، هو أن لا يتضرر مسلم بإعمالها كما لو فتح قفص طائر وطار ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلا فشردت دابّته ، فإن البراءة عن الضمان فيها وفي مثلها يوجب الضرر على مالك الطائر والشاة والدابة وغيرها ، ويحتمل اندراج هذه الموارد في قاعدة الإتلاف وعموم قوله صلىاللهعليهوآله «لا ضرر ولا ضرار» (١) لأنّ المراد من نفي الضرر هو نفي الضرر غير المنجبر ، وإلّا فالضرر في نفسه غير منفي فلا العلم ولا الظن بأن الواقعة غير منصوصة ، فلا يتحقق شرط التمسك بالأصل من فقدان النص بل يحصل القطع بتعلق حكم شرعى بالضار ، ولكن لا يعلم أنه مجرد التعزير أو الضمان أو هما معا ، فينبغي تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح ، ويرد عليه بأنه لو شملت قاعدة نفي الضرر الموارد المزبورة وثبت الضمان فيها لكون مفادها نفي الضرر غير المتدارك ، فتلك الموارد وأمثالها وإن لم تكن من موارد أصالة البراءة إلا أن عدم كونها منها من جهة عدم بقاء الموضوع لأصالة البراءة ، حيث لا موضوع للأصل العملي مع الدليل الاجتهادي ، ولذا لو قلنا بشمول قاعدة الإتلاف لتلك الموارد وقلنا بأن نفي الضمان فيها خلاف الامتنان على المالك فلا يبقى موضوع لأصالة البراءة أيضا.
وعلى الجملة عدم وجود دليل اجتهادي على الإلزام الواقعي من التكليف أو الوضع لا يكون شرطا زائدا على تحقق موضوع الأصل ، نعم إذا لم يحرز استناد التلف إلى الفاعل في تلك الموارد أو بعضها فلا باس بالرجوع إلى أصالة عدم الضمان مع ثبوت التعزير فيها ؛ لأنّ التصرف في ملك الغير بلا رضا مالكه كفتح قفصه
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : ٣٢ ، الباب ١٧ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.