لم يعاين والاستحلال وذكر الله تعالى ، فيخرج روحه وذكر الله على لسانه فيرجى بذلك حسن خاتمته ، رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه.
قوله تعالى : « قل يوم الفتح » قال المفسرون : أي يوم القيامة فإنه يوم نصر المسلمين على الكفرة ، والفصل بينهم. وقيل : يوم بدر ، أو يوم فتح مكة ، والمراد بالذين كفروا المقتولون منهم فيه فإنه لا ينفعهم إيمانهم حال القتل ولا يمهلون.
ثم اعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير التوبة النصوح على أقوال :
منها أن المراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى أن يأتوا بمثلها ، لظهور آثارها الجميلة في صاحبها ، أو ينصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود إليها أبدا.
ومنها أن النصوح ما كانت خالصة لوجه الله سبحانه من قولهم ، عسل نصوح : إذا كان خالصا من الشمع ، بأن يندم على الذنوب لقبحها ، وكونها خلاف رضى الله تعالى لا لخوف النار مثلا
ومنها أن النصوح من النصاحة وهي الخياطة لانها تنصح من الدين ما مزقته الذنوب ، أو يجمع بين التائب وبين أوليائه وأحبائه ، كما تجمع الخياطة بين قطع الثوب. (١)
ومنها أن النصوح وصف للتائب ، وإسناده إلى التوبة من قبيل الاسناد المجازي أي توبة تنصحون بها أنفسكم بأن تأتوا بها على أكمل ما ينبغي أن تكون عليه ، حتى تكون قالعة لآثار الذنوب من القلوب بالكلية ، وسيأتي في الاخبار تفسيرها ببعض تلك الوجوه.
__________________
(١) أو من نصح الغيث البلد : إذا سقاه حتى اتصل نبته فلم يكن فيه فضاء ، لان التوبة تسقى وتحيى القلب الميت بارتكاب المعاصى والمحرمات ، وتصفيه من الكدورات العارضة من مزاولة القبائح والمنكرات ، وتصقله وتجلوه عن رين الشبهات ، فتحيط به وتشغله ولم تترك فيه محلا للعزم على الرجوع ، والعود إلى المحظور. وقيل : توبة نصوح أى صادقة. وقال الجزرى في النهاية : وفى حديث ابي : سألت النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم عن التوبة النصوح ، فقال : هى الخالصة التى لا يعاود بعدها الذنب. وفعول من أبنية المبالغة يقع على الذكر والانثى ، فكأن الانسان بالغ في نصح نفسه بها.