المياه ، وتتحصن الناس في حصونهم منهم ، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء فيقولون : قد قهرنا أهل الارض وعلونا أهل السماء فيبعث الله نغفا (١) في أقفائهم فتدخل في آذانهم فيهلكون بها ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : والذي نفس محمد بيده إن دواب الارض لتسمن وتشكر من لحومهم شكرا ، (٢) وفي تفسير الكلبي : إن الخضر واليسع يجتمعان كل ليلة على ذلك السد يحجبان يأجوج ومأجوج عن الخروج.
« وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض » أي وتركنا يأجوج ومأجوج يوم انقضاء أمر السد يموجون في الدنيا مختلطين لكثرتهم ويكون حالهم كحال الماء الذي يتموج باضطراب أمواجه ، وقيل : إنه أراد سائر الخلق الجن والانس أي تركنا الناس يوم خروج يأجوج ومأجوج يختلط بعضهم ببعض لان ذلك علم للساعة.
وقال رحمه الله في قوله تعالى : « حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج » أي فتحت جهتهم ، والمعنى انفرج سدهم بسقوط أو هدم أوكسر وذلك من أشراط الساعة « وهم من كل حدب ينسلون » أي من كل نشز (٣) من الارض يسرعون ، يعني أنهم يتفرقون في الارض فلا ترى أكمة (٤) إلا وقوم منهم يهبطون منها مسرعين « واقترب الوعد الحق » أي الموعود الصدق وهو قيام الساعة ، فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا أي لا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم وهوله ، « يقولون ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا » أي اشتغلنا بامور الدنيا ، وغفلنا من هذا اليوم فلم نتفكر فيه ، بل كنا ظالمين بأن عصينا الله تعالى وعبدنا غيره.
وقال في قوله تعالى : « وإذا وقع القول عليهم » أي وجب العذاب والوعيد عليهم ، وقيل : معناه : إذا صاروا بحيث لا يفلح أحد منهم ولا أحد بسببهم. وقيل : إذا غضب الله عليهم ، وقيل : إذا نزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة فسمي المقول قولا « أخرجنا لهم
__________________
(١) النغفة : دود يكون في انوف الابل والغنم.
(٢) أى تمتلئ ضرعها لبنا. وفى مجمع البيان المطبوع : وتسكر من لحومهم سكرا. ولعله مصحف.
(٣) النشز : المكان المرتفع.
(٤) أكمة : التل.