بالري رضي الله عنهم ، قالوا حدثنا محمد بن علي ما جيلويه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام كتب إليه في جواب مسائله : علة غسل الجنابة النظافة وتطهير الانسان نفسه مما أصابه من أذاه ، وتطهير سائر جسده لان الجنابة خارجة من كل جسده فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله ، وعلة التخفيف في البول والغائط لانه أكثر وأدوم من الجنابة فرضي فيه بالوضوء لكثرته ومشقته ومجيئه بغير إرادة منه ولا شهوة ، والجنابة لا تكون إلا بالاستلذاذ منهم و الاكراه لانفسهم ، وعلة غسل العيد والجمعة وغير ذلك من الاغسال لما فيه من تعظيم العبد ربه ، واستقباله الكريم الجليل وطلب المغفرة لذنوبه ، وليكون لهم يوم عيد معروف يجتمعون فيه على ذكر الله عزوجل ، فجعل فيه الغسل تعظيما لذلك اليوم ، وتفضيلا له على سائر الايام ، وزيادة في النوافل والعبادة ، وليكون تلك طهارة له من الجمعة إلى الجمعة ، وعلة غسل الميت أنه يغسل لانه يطهر وينظف من أدناس أمراضه ، وما أصابه من صنوف علله لانه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة ، فيستحب إذا ورد على الله ولقى أهل الطهارة ويماسونه ويماسهم أن يكون طاهرا ، نظيفا ، موجها به إلى الله عزوجل ليطلب به ويشفع له ، وعلة اخرى أنه يخرج من الاذى (١) الذي منه خلق فيجنب فيكون غسله له ، وعلة اغتسال من غسله أو مسه فظاهرة لما أصابه من نضح الميت لان الميت إذا خرجت الروح منه بقي أكثر آفة فلذلك يتطهر منه ويطهر.
وعلة الوضوء التي من أجلها صار غسل الوجه والذراعين ومسح الرأس والرجلين فلقيامه بين يدي الله عزوجل ، واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة ، وملاقاته بها الكرام الكاتبين.
فغسل الوجه للسجود والخضوع ، وغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما ويرهب و يتبتل ، ومسح الرأس والقدمين لانهما ظاهران مكشوفان يستقبل بهما في حالاته ، وليس فيهما من الخضوع والتبتل ما في الوجه والذارعين.
__________________
(١) في المصدر : المنى « الاذى خ ل ». م