وكذلك لو عرف الرجل الدين كاملة لم يجز له مساكنة أهل الجهل ، والخوف عليه لانه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك.
وحرم ما اهل به لغير الله عزوجل للذي أوجب الله عزوجل على خلقه من الاقرار به ، وذكر اسمه على الذبائح المحللة ، ولئلا يسوى بين ما تقرب به إليه ، وبين ما جعل عبادة للشياطين والاوثان ، لان في تسمية الله عزوجل الاقرار بربوبيته وتوحيده ، وما في الاهلال لغير الله من الشرك به والتقرب به إلى غيره ، ليكون ذكر الله تعالى وتسميته على الذبيحة فرقا بين ما أحل الله وبين ما حرم الله ، وحرم سباع الطير والوحش كلها لاكلها من الجيف ولحوم الناس والعذرة وما أشبه ذلك فجعل الله عزوجل دلائل ما أحل من الوحش والطير وما حرم كما قال أبي عليهالسلام : كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير حرام ، وكلما كانت له قانصة من الطير فحلال. وعلة اخرى يفرق بين ما احل من الطير وما حرم قوله عليهالسلام : كل ما دف ، ولا تأكل ما صف.
وحرم الارنب لانها بمنزلة السنور ولها مخاليب كمخاليب السنور وسباع الوحش فجرت مجراها ، مع قذرها في نفسها ، وما يكون منها من الدم كما يكون من النساء لانها مسخ.
وعلة تحريم الربا إنما نهى الله عنه لما فيه من فساد الاموال لان الانسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهما ، وثمن الآخر باطلا ، فبيع الربا وشراه وكس على كل حال على المشتري وعلى البائع ، فحظر الله عزوجل الربا لعلة فساد الاموال كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله ، لما يتخوف عليه من إفساده حتى يؤنس منه رشد ، (١) فلهذه العلة حرم الله الربا وبيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد.
وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله لها ، ولم يكن ذلك منه إلا استخفافا بالمحرم للحرام ، والاستخفاف ذلك دخول في الكفر.
__________________
(١) في بعض النسخ : رشده. م