ثم انه هل يشترط جفاف الممسوح من الماء أولا؟ قيل نعم ، كما هو خيرة العلامة في بعض كتبه ناقلا له عن والده ، وقيل لا ، كما هو خيرة السرائر والمصنف في المعتبر وبعض من تأخر عنهما ، وربما ظهر من بعضهم التفصيل ، فقال بالصحة مع غلبة بلة الوضوء ، وإلا فالفساد ، ولعل مستند ( الأول ) مضافا إلى الاحتياط أن الأمر بالمسح بالبلة ينصرف إلى الأفراد الغالبة ، بل لا يصدق أنه مسح بالبلة مع امتزاجها بغيرها ، إذ لو صدق ذلك لصدق مع استئناف ماء جديد ومزجه مع بلة اليد كما يصنعه العامة ، إذ هي لا تنفك عن بلة الوضوء غالبا ، وقد عرفت بطلانه سابقا ، واحتمال الفرق بين الماءين فالأول ليس مسحا بماء جديد بخلاف الثاني تحكم ، ولأن المركب من الداخل والخارج خارج ، على أنه إن سلمنا أنه ليس مسحا بماء جديد لكنه ليس مسحا بالبلة خاصة ، مع ظهور الأدلة بالمسح بما بقي في اليد خاصة ، مع أنه لا يقطع أيضا في مثل ظاهر القدم باتصال تلك البلة من رؤوس الأصابيع إلى الكعبين ، نعم لو كان ما على الممسوح مجرد نداوة لا يتمزج شيء منها ببلة الوضوء أمكن القول بالاجتزاء ، وقد يلتزم به أهل هذا القول وإن لم يصرحوا به ، وبذلك يظهر فساد قول المفصل ، إذ غلبة ما بقي في اليد على بلل الممسوح لا يدفع ما ذكرنا ، وما يتخيل من تحقق صدق المسح بالبلة حينئذ فيه أنه من المسامحات العرفية لا من الحقائق ، نعم لو كان ما على الممسوح قليل جدا بحيث لا ينافي صدق المسح بما بقي في اليد حقيقة عرفا لاستهلاكه اتجه الجواز ، ولعلهم يقولون به وإن لم يصرحوا به أيضا.
ولعل مستند ( الثاني ) إطلاق المسح الصادق في مثل المقام ، بل في السرائر أن من كان قائما بالماء وتوضأ ثم أخرج رجليه من الماء ومسح عليهما من غير أن يدخل يديه في الماء فلا حرج عليه ، لأنه ماسح بغير خلاف ، والظواهر من الآيات تقتضيه والأخبار متناولة له ، وفي المعتبر « أنه لو كان في ماء وغسل وجهه ويديه ثم مسح برأسه ورجليه جاز ، لأن يديه لم تنفك من ماء الوضوء ، ولم يضره ما كان على القدمين