كلمات الأصحاب وبعض الأدلة المذكورة ، نعم يقتصر في الحكم المذكور على الأحداث المتقدمة ، فلا يجري الحكم في نحو الريح ، إذ هو قياس لا نقول به.
ومن سننه المضمضة والاستنشاق لا واجبان فيه كما عن إسحاق وأحمد ، للأصل والوضوءات البيانية ، وللإجماع المحصل والمنقول ، والسنة التي كادت تكون متواترة ، بل هي كذلك بالنسبة إليه ، نعم هما مسنونان بلا خلاف أجده فيه بين أصحابنا المتقدمين منهم والمتأخرين عدا ما نقل عن ابن أبي عقيل من أنهما ليسا عند آل الرسول (ص) بفرض ولا سنة ، وهو ضعيف جدا ، للإجماع المحكي صريحا وظاهرا الذي يشهد له التتبع لكلمات الأصحاب ، وللأخبار المعتبرة المستفيضة حد الاستفاضة ، منها ما رواه ابن سنان عن الصادق عليهالسلام (١) : « المضمضة والاستنشاق مما سن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » كمضمرة سماعة (٢) « هما من السنة ، فان نسيتهما لم يكن عليك إعادة » وخبر أبي بصير (٣) « سأل الصادق عليهالسلام عنهما فقال : هما من الوضوء ، فان نسيتهما فلا تعد » وخبر السكوني (٤) عن الباقر عن آبائه عليهمالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « ليبالغ أحدكم في المضمضة والاستنشاق فإنه غفران لكم ومنفرة للشيطان » إلى غير ذلك من الاخبار التي يطول الكتاب بذكرها ، على أن المنقول عنه غير صريح المخالفة ، لاحتمال إرادته أنهما ليسا من السنة الحتمية في مقابل الفرض أي الواجب بغيرها ، كقول أبي جعفر عليهالسلام (٥) في خبر زرارة : « ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة ، وانما عليك أن تغسل ما ظهر » إذ المراد به ليس مما علم وجوبه بالسنة ، وهو معنى معروف التأدية بمثل هذا اللفظ تعريضا للرد على ما سمعته من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٤.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١١ لكن رواه عن جعفر بن محمد عليهماالسلام.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٦.