ليس شرطا عندنا سيما في مثل الوضوء ، فتأمل جيدا.
وكيف كان فما ذكره المصنف من الأفضلية كما في القواعد والإرشاد بل لم أعثر على مخالف فيه صريحا ، بل يظهر من المرتضى في الانتصار أن الإمامية بين قولين الوجوب وكونه مسنونا فلعل وجهه أنه المتبادر من الأخبار ، ولحصول يقين البراءة ، والخروج من شبهة الخلاف به ، وأوامر الاحتياط وتجنب الشبهات ، على أن التسامح في الاستحباب عقلي غير محتاج إلى الدليل ، كما هو مبين في محله ، وما ذكره من الكراهة كما في السرائر والمعتبر والقواعد والتحرير وغيرها لعله لعكس ما ذكرنا في وجه الاستحباب مقبلا ، والأمر سهل ، إذ المراد بالاستحباب والكراهة أفضل أفراد الواجب وأقلية الثواب ، لما عرفت من إيجاب المسح ، والله أعلم.
وكيف كان فلو غسل موضع المسح مجتزيا به عنه لم يجز كما صرح به في المقنعة والتهذيب والسرائر والمعتبر والمنتهى والقواعد والإرشاد والدروس والذكرى وغيرها ، بل في المنتهى أنه به قال علماؤنا أجمع ، وفي الذكرى وكشف اللثام لا يجزي الغسل عن المسح عندنا ، وفي الحدائق أن هذا الحكم ثابت عندنا إجماعا فتوى ودليلا وآية ورواية ، وكأن الوجه في ذلك واضح ، لكون الغسل والمسح فرضين متغايرين في نظر الشرع ، فلا يجزي أحدهما عن الآخر ، ولأن الله تعالى أوجب الغسل في الوجه واليدين ، والمسح في الرأس والرجلين ، فمن غسل ما أمر الله بمسحه أو مسح ما أمر بغسله لم يكن ممتثلا ، لاختلافهما لغة وعرفا ، كما يشير إلى ذلك قول الصادق عليهالسلام في خبر محمد بن مروان (١) : « انه يأتي على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله منه صلاة ، قلت : وكيف ذاك ، قال : لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه » بل اللغة والعرف والشرع كتابا وسنة صريحة في أن الغسل غير المسح ، وأن الآتي بالغسل في مقام الأمر بالمسح وبالعكس ليس ممتثلا كما هو واضح ، إنما الإشكال في أنهما
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢.