في المتولي بين أن يكون مكلفا أو غيره ، لكون المندوب فيه انما هو من مقدمات الوضوء وإلا فالوضوء وضوء المضطر ، والعبادة عبادته ، والنية نيته ، وهو المتقرب إلى الله بهذا الوضوء السائغ في حقه ، فما في المدارك من أن النية تتعلق بالمباشر ، لأنه الفاعل للوضوء حقيقة فيه ما لا يخفى.
( السابعة ) لا يجوز للمحدث أي غير المتطهر شرعا مس كتابة القرآن كما في الخلاف والتهذيب وظاهر الفقيه وعن الكافي وأحكام الراوندي وابن سعيد ، واختاره في النافع والمنتهى والمختلف والقواعد والإرشاد والذكرى والدروس والتنقيح وجامع المقاصد وغيرها من كتب متأخري المتأخرين ، بل هو المشهور نقلا وتحصيلا ، بل في الخلاف الإجماع عليه ، كما عن ظاهر التبيان ومجمع البيان ، خلافا للشيخ في المبسوط على ما نقل عنه ، وعن ابني إدريس والبراج من الحكم بالكراهة ، بل هو قضية المنقول عن ابن الجنيد ، ومال إليه جماعة من متأخري المتأخرين ، استضعافا لما تسمعه من أدلة التحريم ، والأقوى الأول لقوله تعالى (١) ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ ، لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ) وهي وإن كانت ليست صريحة في المطلوب لاحتمال رجوع الضمير إلى الكتاب ويكون المراد بالمطهرين الملائكة لكنها ظاهرة فيه ، لظهور رجوع الضمير إلى القرآن ، لكونه المحدث عنه فيها ، ولأن ما قبله وما بعده صفة للقرآن ، ولما عن التبيان ومجمع البيان أن الضمير راجع للقرآن عندنا ، بل في الأخير عن الباقر عليهالسلام (٢) على ما حكاه عنه في كشف اللثام أن المعنى المحدثون المطهرون من الأحداث والجنابات ، وأنه لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مس المصحف ، ولأن في إرجاع الضمير إلى الكتاب تقييدا للمكنون ، والأصل عدمه ، على أنه قد يقال : إن الإمساس حقيقة في الإمساس البدني ، هذا مع ما يظهر من بعض الأخبار أن الضمير
__________________
(١) سورة الواقعة ـ الآية ٧٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٥.