وأمّا افتراض المستصحب عرضا وافتراض موضوع له واشتراط إحراز بقائه فلا موجب لذلك.
والجواب : أنّ هذه الاستشكالات كما هو واضح نشأت من صياغة الركن الثالث على هذا النحو أي إحراز بقاء الموضوع.
مع أنّ هذه الصياغة لا مبرّر لها لعدم أخذها بعنوانها في لسان الأدلّة ، وإنّما هي متفرّعة عن الركن الثاني أي كون الشكّ في البقاء ، وهذا يكفي فيه افتراض الركن الثالث بنحو آخر.
ومن هنا صاغ المحقّق الخراساني الركن الثالث بنحو آخر وهو وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ، فإنّه على أساس هذه الوحدة سوف يكون الشكّ شكّا في البقاء لا في الحدوث ، أو شكّا فيما تعلّق به اليقين لا بشيء آخر مغاير له.
وبناء على هذه الصياغة الثانية لا ترد الإشكالات المذكورة آنفا ؛ لأنّ وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة محفوظة ، أمّا الشكّ في نجاسة الرماد فهو شكّ في النجاسة التي كانت متيقّنة سابقا في الخشب ؛ لأنّ الميزان في الوحدة هو الوحدة العرفيّة لا الوحدة بالدقّة العقليّة والفلسفيّة ، والعرف يرى أنّ هذا الرماد هو نفس ذلك الخشب ، غاية الأمر أنّ صورته قد تغيّرت وأمّا المادّة فهي واحدة لكنّها الآن صارت بشكل وصورة أخرى.
وأمّا الشكّ في العدالة بقاء فهو شكّ في أنّ زيدا الذي كان حيّا وعادلا بالأمس مثلا هل لا يزال عادلا أم لا؟ فالمتيقّن والمشكوك واحد وهو عدالة زيد الحي فإنّه سابقا كان متيقّن والآن مشكوك فيجري الاستصحاب.
وأمّا ما ذكره الشيخ من كون المستصحب من الأعراض كالحياة أو العدالة أو النجاسة ، والعرض لا بدّ له من موضوع ومحلّ ليعرض عليه ، فلا بدّ أوّلا من إحراز بقاء المعروض والمحلّ ثمّ إجراء الاستصحاب ، فهذا لا موجب ولا مبرّر له لعدم الدليل على ذلك بهذا العنوان.
ثانيا : تطبيقه في الشبهات الحكميّة :
وعند تطبيق هذا الركن على الاستصحاب في الشبهات الحكميّة نشأت بعض المشاكل أيضا ، إذ لوحظ أنّا حين نأخذ بالصياغة الثانية له التي اختارها صاحب ( الكفاية ) نجد أنّ وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة لا يمكن افتراضها في الشبهة