الحكميّة إلا في حالات الشكّ في النسخ بمعنى إلغاء الجعل ؛ ـ أي النسخ بمعناه الحقيقي.
وأمّا حيث لا يحتمل النسخ فلا يمكن أن ينشأ شكّ في نفس القضيّة المتيقّنة ، وإنّما يشكّ في بقاء حكمها حينئذ إذا تغيّرت بعض القيود والخصوصيّات المأخوذة فيها ، وذلك بأحد وجهين :
البحث الثاني : في تطبيق هذا الركن في الشبهات الحكميّة.
ثمّ إنّ هذا الركن بصياغته الثانية التي ذكرها الآخوند تواجه بعض الصعوبات والمشاكل عند تطبيق الاستصحاب في موارد الشبهات الحكمية.
والوجه في ذلك : أنّ وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة لا يعقل افتراضها في الشبهات الحكميّة إلا بأن يكون هناك علم بالجعل ثمّ يشكّ في بقاء هذا الجعل ، وهذا يعني الشكّ في النسخ بمعنى إلغاء الجعل حقيقة ، فيجري استصحاب بقاء الجعل أو عدم النسخ ، فهنا الشكّ في بقاء الحكم بنفسه لا في موضوعه أو قيوده أو بعض الخصوصيّات ، وهذا الشكّ يعني الشكّ في أنّ الشارع هل رفع اليد عن هذا الحكم ونسخه أم لا؟
وقد تقدّم سابقا أنّ النسخ بمعناه الحقيقي محال تصويره بحقّ المولى عزّ وجلّ ، فلا بدّ من افتراض الشكّ في الحكم بنحو آخر وهو : أن يكون الشكّ لا بمعنى النسخ ورفع الجعل ابتداء ، وإنّما يشكّ في بقاء الحكم نتيجة تغيّر الموضوع أو بعض الخصوصيّات والقيود المأخوذة في الموضوع ، وحينئذ لا يكون هناك قضيّة واحدة بين المتيقّن والمشكوك ؛ لأنّ المتيقّن هو الحكم على هذا الموضوع بهذه القيود والخصوصيّات ، والمشكوك هو الحكم على الموضوع الذي فقد أو تغيّرت بعض قيوده وخصوصيّاته ، فكيف يجري الاستصحاب والحال هذه؟
وهنا قبل أن نجيب عن هذا الاستشكال لا بدّ من تصوير كيفيّة الشكّ في الحكم ، وهي على نحوين :
أمّا بأن تكون خصوصيّة ما دخيلة يقينا في حدوث الحكم ويشكّ في إناطة بقائه ببقائها فترتفع الخصوصيّة ويشكّ حينئذ في بقاء الحكم ، كالشكّ في نجاسة الماء بعد زوال تغيّره.