ولذلك لا بدّ من فرض المستصحب نفسه ذا أثر تنجيزي أو تعذيري لكون اليقين هنا ملحوظا بما هو كاشف ، ولا يصحّ جريان الاستصحاب في الموارد التي لا يكون فيها للمستصحب أي أثر ، بل كان الأثر بلحاظ نفس التعبّد الاستصحابي أي اليقين التعبّدي ؛ لأنّ هذا يعني ملاحظة اليقين الموضوعي وملاحظته كذلك معناها فرض النقض الحقيقي والذي تقدّم أنّه غير معقول.
وهذا البيان يتوقّف على استظهار إرادة النقض العملي من النقض بقرينة تعلّق النهي به ، ولا يتمّ إذا استظهر عرفا إرادة النقض الحقيقي مع حمل النهي على كونه إرشادا إلى عدم إمكان ذلك بحسب عالم الاعتبار ، فإنّ المولى قد ينهى عن شيء إرشادا إلى عدم القدرة عليه كما يقال في : ( دعي الصلاة أيّام أقرائك ) ، غاية الأمر أنّ الصلاة غير مقدورة للحائض حقيقة ، والنقض غير مقدور للمكلّف ادّعاء واعتبارا ، لتعبّد الشارع ببقاء اليقين السابق.
وبناء على هذا الاستظهار يكون مفاد الدليل جعل الطريقيّة ، ولا يلزم في تطبيقه على مورد تصوير النقض العملي والاقتضاء العملي.
إلا أنّ ما ذكرناه ـ من كون النقض هو النقض العملي لا الحقيقي ـ متوقّف على استظهار أن يكون المراد من النهي عن النقض هو النهي الحقيقي أي الحرمة الشرعيّة ، ولو بقرينة تعلّق النهي باليقين ، حيث قلنا : إنّ النهي عن نقض اليقين غير معقول ؛ لأنّ الانتقاض حاصل تكوينا لطروّ الشكّ فعلا ، فلا يمكن توجيه خطاب للمكلّف ينهاه عن نقض اليقين فإنّه غير مقدور له ، فالبيان المتقدّم يتمّ إذا كان المستظهر النهي الشرعي أي الحرمة التكليفيّة.
وأمّا إذا استظهر عرفا كون المراد من النهي هنا النهي الإرشادي فلا يتمّ ما ذكرناه ، بل يتمّ ما تقدّم في الصياغة الأولى لهذا الركن ؛ لأنّه بناء على النهي الإرشادي يكون المراد أنّ الشارع يرشدنا إلى عدم إمكان نقض اليقين بحسب عالم الاعتبار ، أي أنّه يرشدنا إلى أنّ النقض صار غير مقدور لنا بسبب أنّ الشارع قد عبّدنا ببقاء اليقين ، فيكون النقض خارجا عن قدرة المكلّف بسبب التعبّد الشرعي بعدم جواز النقض.
فكما أنّ عدم القدرة والعجز التكويني عن الفعل أو الترك لا يمكن تعلّق التكليف