وهنا القدر المتيقّن هو كون النقض مسندا إلى اليقين بلحاظ كونه طريقيّا أو كاشفا وطريقا إلى المتعلّق ؛ لأنّ هذا هو المتيقّن من دليل الحجّيّة أي قيامها مقام القطع الطريقي ، وأمّا قيامها مقام القطع الموضوعي فيحتاج إلى الدليل الخاصّ وهو مفقود بحسب الفرض.
وعليه فنحصل على نفس نتيجة الصيغة الثانية من خلال إجمال الدليل والاقتصار فيه على القدر المتيقّن وهو النهي عن نقض اليقين بلحاظ كاشفيّته التي هي آثار المتيقّن ، فيكون المراد أنّه لا يجوز نقض اليقين بلحاظ آثار متيقّنه ، وبالتالي لا بدّ أن نفترض كون الآثار مترتّبة على المستصحب.
وأمّا الآثار المترتّبة على نفس الاستصحاب فهذه لا يشملها الدليل إلا إذا كان النقض مسندا إلى اليقين ذاته أي كان اليقين موضوعيّا ، وهذا يحتاج إلى دليل خاصّ وهو غير موجود في المقام لإجمال الدليل وتردّده بين الاحتمالين.
الثالثة : أنّ الاستصحاب يتقوّم بأن يكون المستصحب حكما شرعيّا أو موضوعا لحكم شرعي. وهذه الصيغة أضيق من كلتا الصيغتين السابقتين.
ومن هنا وقع الإشكال في كيفيّة جريان الاستصحاب على ضوء هذه الصيغة في متعلّق الأمر قيدا وجزءا ، ـ من قبيل استصحاب الطهارة ـ مع أنّ الواجب ليس حكما شرعيّا ولا موضوعا يترتّب عليه حكم شرعي ؛ لأنّ الوجوب يترتّب على موضوعه لا على متعلّقه.
الصياغة الثالثة : وهي الصياغة المشهورة عندهم ومفادها : أنّ الاستصحاب متقوّم بأن يكون المستصحب حكما شرعيّا أو موضوعا لحكم شرعي ، كاستصحاب وجوب الجمعة في عصر الغيبة وكاستصحاب عدالة زيد ، فإنّ استصحاب وجوب الجمعة استصحاب لحكم شرعي ، واستصحاب عدالة زيد استصحاب لموضوع يترتّب عليه حكم شرعي كجواز الصلاة خلفه وقبول شهادته.
ولذلك فهذه الصياغة أضيق من الصيغتين السابقتين ؛ لأنّ الصياغة الأولى تشمل كلّ أثر عملي يترتّب على الاستصحاب ، سواء كان هذا الأثر للمستصحب أم للاستصحاب نفسه ؛ ولأنّ الصياغة الثانية تشمل كلّ أثر تنجيزي أو تعذيري يترتّب على المستصحب دون الاستصحاب نفسه ، وأمّا هذه الصياغة فهي لا تشمل إلا إذا