ببقائه ، فالمكلّف على يقين فعلا ولكن ادّعاء وتنزيلا لا حقيقة وواقعا ، فينزّل الشاكّ منزلة المتيقّن ، وبهذا يصبح الاستصحاب كالأمارات ؛ لأنّ مفاده جعل العلميّة والطريقيّة.
٣ ـ أن يكون مفاد دليل الاستصحاب التعبّد ببقاء الآثار ولزوم الجري العملي على طبق اليقين ، وهذا يعني أنّ النهي عن النقض لا يتوجّه إلى اليقين حقيقة ؛ لأنّه غير معقول كما تقدّم ، بل ينصبّ على النقض العملي لآثار اليقين والتي تعني كونه كاشفا عن المتعلّق والمتيقّن ، فيكون المفاد التعبّد ببقاء الآثار العمليّة للحالة السابقة المتيقّنة في مرحلة الجري العملي ، ولذلك يكون الاستصحاب أصلا تنزيليّا.
وتفصيل الكلام بناء على هذه المسالك أن يقال :
أمّا على الأوّل : فلأنّ التعبّد ببقاء المتيقّن ليس بمعنى إبقائه حقيقة بل تنزيلا ، ومرجعه إلى تنزيل مشكوك البقاء منزلة الباقي ، فيكون دليل الاستصحاب من أدلّة التنزيل ، ومقتضى دليل التنزيل إسراء الحكم الشرعي للمنزّل عليه إلى المنزّل إسراء واقعيّا أو ظاهريّا تبعا لواقعيّة التنزيل أو ظاهريّته وإناطته بالشكّ.
وعليه فإطلاق التنزيل في دليل الاستصحاب يقتضي ثبوت جميع الآثار الشرعيّة للمستصحب بالاستصحاب.
أمّا على المسلك الأوّل وهو ما اختاره صاحب ( الكفاية ) من تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن ، فهذا معناه أنّ الشارع قد حكم ببقاء المتيقّن عند الشكّ وعبّدنا بذلك ، وهذا الحكم بالإبقاء ليس إبقاء حقيقيّا ، إذ من الواضح أنّ المتيقّن الآن مشكوك واقعا وتكوينا ، بل الإبقاء هنا تعبّدي وتنزيلي.
والتنزيل على نحوين :
الأوّل : التنزيل الواقعي أي إسراء الآثار الشرعيّة المترتّبة على المنزّل عليه إلى المنزّل ، وهذا يكون في الموارد التي لم يفترض فيها الشكّ ، كما في « الطواف في البيت صلاة » فهذا تنزيل واقعي بحيث تكون الآثار الشرعيّة للصلاة سارية إلى الطواف.
الثاني : التنزيل الظاهري أي إسراء الأحكام والآثار الشرعيّة للمنزّل عليه إلى المنزّل ظاهرا ، وهذا يفترض الشكّ ليكون التنزيل ظاهريّا.