المكلّف ، بأن علم بوجوب الحجّ على المستطيع ، وفيما إذا تحقّقت الاستطاعة في الخارج ، وأمّا إذا لم يعلم بوجوب الحجّ فلا يكون الحجّ منجّزا عليه ولو كان مستطيعا ، وكذا إذا علم بوجوب الحجّ ولم يكن مستطيعا فلا يكون الوجوب منجّزا عليه.
وفي مقامنا نقول : إنّ اليقين التعبّدي المستفاد من دليل الاستصحاب يثبت لنا الموضوع أي الصغرى ، وأمّا الأثر والحكم الشرعي فهو ثابت بالوجدان.
فمثلا نحن نعلم بأنّ من كان عادلا تجوز الصلاة خلفه وتقبل شهادته. وهذا يعني أنّنا نعلم بالأثر والحكم وجدانا ، وأمّا الصغرى وهي كون زيد عادلا فهذا ما يثبت بالاستصحاب ؛ لأنّنا كنّا على يقين من عدالة زيد وعند استصحابها تثبت لنا عدالته تعبّدا.
وبهذا تتحقّق المنجّزيّة لوصول الجعل بالعلم الوجداني ولوصول الموضوع بالعلم التعبدي.
ولا نحتاج لإثبات الحكم والأثر إلى إثبات كون اليقين التعبّدي متعلّقا بالأثر والحكم ليقال بأنّ اليقين التعبّدي يثبت لنا الحالة السابقة فقط ولا يسري إلى آثارها وأحكامها الشرعيّة.
وعلى هذا تكون الآثار الشرعيّة ثابتة ومنجّزة لتحقّق كلا جزأي موضوع المنجّزيّة من الجعل والموضوع ، فإنّ الأوّل ثابت بالوجدان ، والثاني ثابت بالتعبّد.
فإن قيل : إذا كان اليقين بالموضوع كافيا لتنجّز الحكم المترتّب عليه ، فما ذا يقال عن الحكم الشرعي المترتّب على هذا الحكم؟ وكيف يتنجّز مع أنّه لا تعبّد باليقين بموضوعه وهو الحكم الأوّل؟
فإن قيل : إنّ ما ذكرتموه يتمّ في الآثار الشرعيّة المباشرة المترتّبة على المستصحب ؛ لأنّ الجعل معلوم وجدانا والصغرى ثابتة تعبّدا ، وأمّا الآثار الشرعيّة غير المباشرة أي الآثار والأحكام المترتّبة على الحكم ، وكذا الأثر الشرعي للمستصحب لا على المستصحب نفسه ، فهذه كيف يمكن تنجّزها مع أنّ موضوعها ـ أي الحكم الشرعي ـ لم يثبت بدليل التعبّد الاستصحابي؟
لأنّ التعبّد الاستصحابي يثبت به الموضوع فقط لا الأثر الشرعي ، فتترتّب الآثار الشرعيّة الثابتة للموضوع دون الآثار الشرعيّة الثابتة للأثر الشرعي ؛ لأنّه غير ثابت