والنتيجة : منجّزيّة العلم الإجمالي للوجوب التعييني والوجوب التخييري ، وتتحقّق الموافقة القطعيّة بالإتيان بمتعلّق الوجوب التعييني ؛ لأنّه يحقّق كلا الأمرين فيكون ممتثلا للطرفين.
ولا يكتفى بالإتيان بإحدى البدائل الأخرى وترك العتق المحتمل كونه تعيينيّا ؛ لأنّه يكون قد امتثل أحد طرفي العلم الإجمالي ، فتبقى ذمّته مشغولة بالطرف الآخر.
وهذا البيان وإن كان يثبت علما إجماليّا بإحدى حيثيّتين إلزاميّتين ، ولكن هذا العلم غير منجّز بل منحلّ حكما ، لجريان البراءة الأولى وعدم معارضتها بالبراءة الثانية ؛ لأنّ فرض جريانها هو فرض وقوع المخالفة القطعيّة ، ولا يعقل التأمين مع المخالفة القطعيّة ، بخلاف فرض جريان البراءة الأولى فإنّه فرض المخالفة الاحتماليّة.
والجواب عن ذلك : أنّ هذا الكلام وإن كان يبرز لنا وجود حيثيّتين إلزاميّتين يعلم بإحداهما إجمالا ، إلا أنّ هذا العلم الإجمالي غير منجّز لانهدام ركنه الثالث ، حيث إنّ البراءة تجري في أحد الطرفين من دون معارض لها ؛ لأنّ البراءة في الطرف الآخر لا يعقل جريانها.
فهذا الكلام يتمّ للمنع عن الانحلال الحقيقي للعلم الإجمالي وأنه لا يوجد علم إجمالي بين المتباينين ، وإنّما هناك علم إجمالي بين الأقلّ والأكثر والذي مرجعه إلى علم تفصيلي بالأقلّ وشكّ بدوي في الأكثر.
فبهذا الكلام يثبت أنّه يوجد علم إجمالي ؛ لأنّه يوجد في كلّ من الوجوب التخييري والوجوب التعييني حيثيّة إلزاميّة زائدة غير موجودة في الآخر ، ولذلك لا يعلم بأحدهما على كلّ تقدير ، بل كلّ واحد منهما مشكوك.
إلا أنّ هذا العلم الإجمالي ـ ولو سلّم أنّه دائر بين المتباينين ـ منحلّ انحلالا حكميّا ؛ لأنّ البراءة عن الحيثيّة الزائدة في الوجوب التعييني تجري بلا معارض ، فيثبت لنا التأمين من جهة ترك العتق حال الانتقال إلى الإطعام أو الصيام.
وأمّا البراءة عن الحيثيّة الزائدة في الوجوب التخييري ـ التي هي حرمة ضمّ ترك الإطعام والصيام إلى ترك العتق ـ فلا تجري ؛ لأنّ هذه الحيثيّة الزائدة معلومة الحرمة