وليست مشكوكة ، والبراءة موردها الشكّ لا العلم ، فالمكلّف إذا ترك الإطعام والصيام وترك العتق أيضا يعلم بأنّه قد خالف قطعا كلا الوجوبين التخييري والتعييني ، ولا شكّ عنده في هذه الحرمة ليحتمل جريان البراءة عنها. إذن لو سلّم بوجود حيثيّة زائدة إلا أنّها ليست مشكوكة بل معلومة الحرمة.
وأمّا الحيثيّة الزائدة في الوجوب التعييني فهي مشكوكة ؛ لأنّه يحتمل إذا ترك العتق أن يجزي عنه الإطعام أو الصيام فيما لو كان الواجب المتعلّق في ذمّته هو الوجوب التخييري لا التعييني ، ويحتمل عدم الإجزاء لو كان الداخل في ذمّته الوجوب التعييني ، وحيث إنّه يشكّ فيما هو الداخل في عهدته فسوف يشكّ في أنّه إذا أطعم أو صام هل يجب عليه العتق أيضا أو لا؟ فتجري البراءة للتأمين عنه لأنّ مورد جريانها هو التأمين عن المخالفة الاحتماليّة ، وهنا تحتمل المخالفة حال ترك العتق.
وأمّا إذا ترك العتق مضافا إلى ترك الإطعام والصيام فهذه الحيثيّة الزائدة لا يحتمل كونها مخالفة لتجري فيها البراءة ، بل يقطع بالمخالفة المحرّمة فلا تجري البراءة لكونها لا تجري للتأمين عن المخالفة القطعيّة المعلومة الحرمة.
وثانيا : نأخذ المبنى القائل بأنّ مرجع التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي ، والحكم حينئذ هو الحكم في المسألة السابقة فيما إذا دار الواجب بين إكرام زيد مطلقا وإطعامه خاصّة.
المبنى الثاني : هو المبنى القائل بأنّ التخيير الشرعي يرجع إلى التخيير العقلي ، فالشارع وإن ذكر البدائل إلا أنّ ذكرها ليس من باب تعلّق الأمر بها ، وإنّما من باب كونها مصاديق للمأمور به وهو الجامع الانتزاعي الكلّي كعنوان ( أحدها ) مثلا.
وحينئذ إذا دار الأمر بين وجوب أحد هذه البدائل تعيينا وبين وجوبه تخييرا بينه وبين سائر البدائل ، فسوف يكون حكمه حكم المسألة السابقة من الانحلال الحقيقي ، فيما إذا كان أحد المفهومين أعمّ من الآخر في عالم الصدق الخارجي وفي ذات الملحوظ والمرئي كالعالم والفقيه ، أو الانحلال الحكمي فيما إذا كانا متغايرين في عالم اللحاظ والملحوظ أيضا ، ولكنّهما في عالم الصدق الخارجي بينهما عموم وخصوص مطلق.