الأعلام (١) ممّن قارب عصرنا (رحمه الله).
توضيحه : أن مفاد لفظ العشرة ـ مثلا وإن كان وحدانيا ملحوظا بلحاظ واحد ، ومرادا استعماليا بإرادة واحدة ـ لكنه مع ذلك : ربما يكون الحكم المرتّب عليه ـ بلحاظ كل واحد ـ على نهج العموم الأفرادي ، كما إذا قيل : ( هؤلاء العشرة علماء ، أو واجبو الاكرام ) ، وربما يكون الحكم المرتب عليه ـ بلحاظ المجموع ـ على حد العموم المجموعي ، كما إذا قيل : ( هؤلاء العشرة يحملون هذا الحجر العظيم ، أو واجبو الاكرام ) ، بنحو لو لم يكرم أحدهم لم يتحقق الامتثال من رأس ، وكذلك العام الاستغراقي ـ كالعلماء ـ فإن الحكم المرتب عليه معقول على الوجهين.
وكما أن الجمع في اللحاظ لا يقتضي وحدة الحكم ، كذلك التفريق في اللحاظ لا يستدعي تعدد الحكم بالنسبة إلى كل ملحوظ ، كما إذا رتب حكما واحدا على زيد وعمرو معا ـ كما عرفت في العام الاستغراقي ـ واستعمال اللفظ في المعنيين لا يزيد على استعماله فيهما مرتين.
ومما ذكرنا يظهر : أن استعمال اللفظ في معنيين بإرادتين ولحاظين مستقلّين وإن كان مغايرا لاستعماله في مجموع المعنيين من حيث الإمكان والجواز ، لكنه يترتّب على الأخير ما يترتّب على الأول من الفائدة والثمرة ، فاذا أردت الحكم على السواد والبياض بأنهما من عوارض الاجسام صح لك ان تقول : الجون من عوارض الاجسام مريدا به السواد والبياض على وجه الجمع في اللحاظ. وقد عرفت : أن الجمع في اللحاظ لا يستدعي الجمع في الحكم ؛ كي يكون خلاف الفرض.
فإن قلت : وعليه فلا ثمرة عملية للنزاع.
__________________
(١) المحقق الرشتي (رحمه الله) في بدائع الأفكار : ١٦٢.