.....................................
__________________
المحرّكة للعضلات ، أو المحرّكة إلى جعل الداعي ، وليس هناك كراهة الترك ، ولا انبعاث المنع عن تركه ، بل ربما لا يخطر بباله الترك.
وأما مقام الإثبات : فقد مرّ مرارا أن الإنشاء ـ بأيّ داع كان ـ مصداق ذلك الداعي ، فالإنشاء يناسبه انطباق عنوان البعث نحو الفعل إذا كان بداعي البعث ، فإذا كان بداعي البعث نحو الفعل والمنع عن الترك ، كان مصداقا لهما ، مع أن عنوان المنع من الترك لا يناسب إنشاء البعث نحو الفعل ، وليس الوجوب إلا مجموع الأمرين.
وما ذكرنا في بحث الضدّ (أ) من أن التحريك نحو الفعل تحريك عن خلافه ، كما أن التقريب إلى جهة تبعيد عن خلافها لا يجدي هنا إذ هذا المعنى لازم كل تحريك وجوبي أو ندبي ، والكلام في المنع من الترك الذي يقوّم الوجوب.
واحتمال المعية بالمعنى الثاني يتضح الجواب عنه بما ملخّصه : أن المعاني الاعتبارية : تارة يكون سنخها اعتباريا لا موطن لها إلاّ العقل ، كالوجوب والإمكان والامتناع ، والكلية والجزئية ، والجنسية والفصلية والنوعية ، ومثل هذه الاعتباريات بسائط لا جنس لها ولا فصل حتى عقلا ، وليست من سنخ المقولات والماهيات الطبيعية حتى يكون لها جنس وفصل ولو عقلا تحليلا ، واخرى تكون من المعاني التي توجد بوجود اعتباري وإن كان لها وجود حقيقي في نظام الوجود ، وهذه هي الاعتباريات المتداولة في الفقه والاصول ، فمثل : الملكية توجد بوجودها الحقيقي الذي لها في نظام الوجود ، فتكون جدة مثلا ، وليست بهذا النحو من الوجود موضوع الآثار الخاصّة شرعا وعرفا ، وتوجد أيضا بوجودها الاعتباري الذي له آثار شرعا وعرفا ، ومثل هذه الاعتباريات من حيث وجودها في افق الاعتبار لا جنس لها ولا فصل ، ومن حيث نفسها : تارة تكون من المعاني المقولية ، فاعتبارها اعتبار ما لا جنس له ولا فصل والإيجاب والاستحباب من القسم الثاني ؛ إذ ليس مطابقها إلاّ الإنشاء بداعي البعث والتحريك ، ومن الواضح أن المنع من الترك ليس فصلا للبعث والتحريك ، فإنّ ذلك المعنى الذي يعتبره العقلاء في مقام البعث إما إيجاد المولى للفعل تسبيبا ، أو تحريك العبد ، والايجاد ليس معنى ماهويا ، والتحريك باعتبار مبدئه ليس مقولة من المقولات ، بل من شئون وجود معنى مقولي ، فليس البعث مقوليا ليكون
__________________
(أ) التعليقة : ١١٩ من الجزء الثاني.