الأعلم وجوب إرشادي إلى عدم وقوع المكلف في معرض احتمال المخالفة والعقاب.
ثمّ إنه إذا فحص عن الأعلم وظفر به فهو ، وأما إذا لم يميّز الأعلم من المجتهدين المتعددين فإن كان متمكناً من الاحتياط وجب ، لما تقدم من أن الأحكام الواقعية متنجزة على المكلفين بالعلم الإجمالي بوجود أحكام إلزامية في الشريعة المقدسة ولا طريق إلى امتثالها سوى العمل على طبق فتوى الأعلم ، والمفروض أنه مردد بينهما أو بينهم ، وبما أنه متمكن من الاحتياط يتعيّن عليه الاحتياط تحصيلاً للعلم بالموافقة لاستقلال العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب على ما هو الحال في موارد العلم الإجمالي بأجمعها. ولا أثر في هذه الصورة للظن بالأعلمية أو احتمالها في أحدهما أو أحدهم وذلك لما تقدم من أن أدلة الاعتبار قاصرة الشمول للمتعارضين ، ومعه لا دليل على حجية شيء من الفتويين ليكون الظن بها أو احتمالها موجباً للأخذ به. بل اللاّزم وقتئذٍ هو الاحتياط حتى يقطع بفراغ ذمته عمّا اشتغلت به من الأحكام الإلزامية المعلومة بالإجمال.
وأما إذا لم يتمكن من الاحتياط إمّا لأن أحدهما أفتى بوجوب شيء والآخر بحرمته أو أنه أفتى بوجوب القصر والآخر بوجوب التمام ، إلاّ أن الوقت لم يسع للجمع بين الصلاتين فيتخيّر بينهما ، للعلم بوجوب تقليد الأعلم وهو مردد بين شخصين أو أشخاص من غير ترجيح لبعضهم على بعض ، وفي هذه الصورة إذا ظن بالأعلمية أو احتملها في أحدهما أو أحدهم تعيّن الأخذ بفتوى من ظن أو احتمل أعلميته.
ولا يقاس هذه الصورة بالصورة المتقدمة أعني ما إذا تمكن من الاحتياط ، لأن التعارض هناك قد أوجب تساقط الفتويين عن الحجية فلم يجعل شيء منهما حجة على المكلف حتى يميز بالظن أو الاحتمال ، وهذا بخلاف المقام لأنه لا مناص للمكلف من أن يتبع إحدى الفتويين ، إذ لا يكلف بالاحتياط لفرض أنه متعذر في حقه ، ولا ترتفع عنه الأحكام المتنجزة لتمكنه من العمل بإحداهما. إذن لا بدّ له من اتباع إحدى الفتويين ، وحيث إنه يحتمل الأعلمية أو يظنها في أحدهما أو أحدهم فيدور أمره بين أن يكون كل من الفتويين حجة تخييرية في حقه ، وبين أن تكون فتوى من يظن