بتوسيط أن فتوى الميت حجة في نظره ، أيضاً يرى وجوب السورة ولكن لا في نفسها وطبعها بل بعنوان ثانوي وهو فتوى الميت بالوجوب أو قيام الحجة به. وكما إذا رأى الميت كفاية التوضؤ مع الجبيرة وبنى الحي على تعين التيمم وعدم كفاية الوضوء مع الجبائر ، فإن الوضوء وإن كان غير مجزئ عند الحي بالعنوان الأولي إلاّ أنه بعنوان أن الحجة قامت بصحته مجزئ لا محالة. ولهذا نظائر كثيرة يطول بذكرها الكلام ، بل هذا قد يقع بين مجتهدين معاصرين فيسأل أحدهما عن وجوب السورة عند معاصره ويجيب بأنه يرى عدم وجوبها وأما عنده فهي واجبة ، فإنه حينئذٍ بعنوان أن المعاصر أفتى بعدم وجوب السورة يلتزم بعدم وجوبها فضلاً عن الميت والحي.
والمتحصل : أنه لا مانع من القول بجواز البقاء على تقليد الميت في مسألة جواز البقاء ، ولا يرد عليه محذور اللغوية ولا أخذ الحكم في موضوع نفسه.
أما اللغوية فلما تقدم من أن حجية فتوى الميت بفتوى الحي بجواز البقاء نتيجتها جواز البقاء على تقليده حتى فيما لم يعمل به من المسائل ، ومع ترتب مثل هذه الثمرة على حجية فتوى الميت لا معنى لدعوى اللغوية بوجه.
وأما أخذ الحكم في موضوع نفسه فالوجه في عدم وروده أن ما ادعيناه في المقام هو أن فتوى الحي بجواز البقاء قد جعلت فتاوى الميت حجة شرعية بلا فرق في ذلك بين الأحكام التكليفية والوضعية ، وأن أثر تلك الحجية جواز البقاء على تقليده حتى فيما لم يعمل به من المسائل. إذن هناك أحكام ثلاثة مترتبة على موضوعاتها الثلاثة :
أحدها : وجوب السورة في الصلاة.
ثانيها : حجية فتوى الميت بجواز البقاء.
ثالثها : حجية فتوى الحي بجواز البقاء.
وهذه الأحكام مترتبة في الثبوت ، فإنه بثبوت حجية فتوى الحي بجواز البقاء تثبت حجية فتوى الميت كما مرّ ، وإذا ثبتت حجية فتاواه فقد ثبت وجوب السورة في الصلاة أو غير ذلك من الأحكام ، ومعنى ذلك أنّا أخذنا حجية فتوى الميت بالجواز في موضع الحكم بحجية فتوى الحي به ، حيث قلنا يجوز البقاء على تقليد الميت في مسألة جواز البقاء.