حاتم وأخوه إلى أبي الحسن الثالث عليهالسلام « فاصمدا في دينكما على كل مسنّ في حبنا ، وكل كثير القدم في أمرنا ، فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى » (١) وذلك للنهي في الرواية الأُولى عن الرجوع إلى غير الشيعة ، والأمر في الثانية بالاعتماد على المسنّ في حبهم وكثير القدم في أمرهم عليهمالسلام.
ويدفعه : أن الروايتين ضعيفتا السند ، فإن في سند أولاهما محمد بن إسماعيل الرازي وعلي بن حبيب المدائني وكلاهما لم يوثق في الرجال ، كما أن في سند الثانية جملة من الضعاف منهم أحمد بن حاتم بن ماهويه.
مضافاً إلى أن الظاهر أن النهي في الرواية الأُولى عن الأخذ من غير الشيعة إنما هو من جهة عدم الوثوق والاطمئنان بهم لأنهم خونة حيث خانوا الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخانوا أماناتهم كما في الرواية ، وأين هذا مما هو محل الكلام ، لأن البحث إنما هو في جواز الرجوع إلى من كان واجداً لجميع الشرائط وتصدى لاستنباط الأحكام عن أدلتها على الترتيب المقرر عندنا ولم يكن فيه أي نقص غير أنه لم يكن شيعياً ومعتقداً بالأئمة عليهمالسلام.
وأما الرواية الثانية فهي غير معمول بها قطعاً ، للجزم بأن من يرجع إليه في الأحكام الشرعية لا يشترط أن يكون شديد الحب لهم أو يكون ممن له ثبات تام في أمرهم عليهمالسلام فإن غاية ما هناك أن يعتبر فيه الايمان على الوجه المتعارف بين المؤمنين ، إذن لا بدّ من حملها على بيان أفضل الأفراد على تقدير تماميتها بحسب السند.
ويؤكد ما ذكرناه : أن أخذ معالم الدين كما أنه قد يتحقق بالرجوع إلى فتوى الفقيه كذلك يتحقق بالرجوع إلى رواة الحديث ، ومن الظاهر أن حجية الرواية لا تتوقف على الايمان في رواتها ، لما قررناه في محلّه من حجية خبر الثقة ولو كان غير الاثني عشري من سائر الفرق ، إذن فليكن الأخذ بالرجوع إلى فتوى الفقيه أيضاً كذلك.
على أنّا لو سلّمنا جميع ذلك وبنينا على شرطية الايمان والإسلام في حجية الفتوى
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥١ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٤٥.