عارفاً بأحكامهم.
ويرد على الاستدلال بالمقبولة أُمور :
الأوّل : أن الرواية ضعيفة السند لعدم توثيق عمر بن حنظلة. وما ورد في توثيقه أيضاً ضعيف فلاحظ.
الثاني : أن الاستدلال بها يتوقف على العلم بأن الأُمور المعتبرة في باب القضاء معتبرة في باب الفتوى أيضاً لاتحادهما ، ولا علم لنا بذلك لأن القضاوة ترتبط بأبواب كثيرة من الفقه ، فيمكن أن يعتبر في المتصدي لها العلم بجملة وافية من أحكامهم وأين هذا من محل الكلام ، لوضوح أن العلم بمسألة لا يتوقف على العلم بسائر المسائل الفقهية.
الثالث : أنها معارضة في نفس موردها بحسنة أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال المتقدمة (١) قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام : « إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه » لدلالتها على أن العلم ببعض أحكامهم وقضاياهم كاف من باب القضاء ، وهذا متحقق في المتجزي كالمجتهد المطلق. وهي معارضة للمقبولة.
وقد يقال كما قيل إن الظاهر من كلمة « من » وإن كان هو التبعيض بل لا يصح أن تكون بيانية في الرواية ، لأن المتعين حينئذٍ أن يقال : أشياء من قضايانا ، للزوم التطابق بين المبين والبيان إلاّ أن مدخولها وهو قضايانا بمعنى أحكامهم وعلومهم بما أنه أمر كثير بل أُمور غير متناهية بالإضافة إلى البشر ، فلا مناص من أن يكون الشيء من تلك الأُمور أيضاً كثيراً في نفسه ، وإن كان قليلاً بالإضافة إلى أحكامهم ومن هنا لا يصح أن يقال : القطرة شيء من البحر أو أن من ملك فلساً واحداً ، أن عنده شيئاً من المال.
والمعروف عن صاحب الجواهر قدسسره أنه قيل له عند احتضاره وانكشاف الغطاء عنه ـ : عنده شيء من علم جعفر عليهالسلام مع أنه ( قدّس
__________________
(١) راجع ص ١٨٦.