أنه يشك في أن تقليده ذلك صحيح وأنه موافق للموازين المقررة في الشريعة المقدسة أو غير مطابق لها؟ والشك في صحة التقليد السابق وفساده قد يتصوّر بالإضافة إلى التقليد نفسه ، وأنه مطابق للموازين أو غير مطابق لها ، وقد يتصوّر بالإضافة إلى أعماله الّتي أتى بها عن التقليد المشكوك صحته وفساده ولأجله يشك في وجوب إعادتها أو قضائها وعدمه فالكلام يقع من جهتين :
الجهة الأُولى : ما إذا شكّ المكلّف في أن تقليده السابق هل كان مطابقاً للموازين الشرعية أو لم يكن؟ إن التقليد السابق بما أنه عمل قد صدر وتصرّم فلا أثر يترتب على صحته وفساده في نفسه سوى مشروعية العدول إلى المجتهد الآخر وعدمها على تقدير حياة المجتهد السابق أو مشروعية البقاء على تقليده وعدمها على تقدير موته.
والتحقيق أن الشك من هذه الجهة مما لا أثر له ، وذلك لأن المجتهد في مفروض المقام قد يكون مستجمعاً للشرائط المعتبرة في المرجعية لدى الشك إلاّ أنه يشك في أن استناده إلى فتاواه هل كان موافقاً للقواعد الشرعية أو أنه استند في ذلك إلى هوي نفسه أو غيره من الدواعي غير المسوّغة للاستناد ، وقد لا يكون بل يشك في استجماعه لها وعدمه.
أما الصورة الأُولى : فالشك فيها في أن الاستناد إلى فتوى ذلك المجتهد هل كان موافقاً للموازين أم لم يكن ، أمر لا أثر له وذلك لأن المدار في الحكم بصحة التقليد وجواز العمل على طبقه إنما هو بكون المجتهد ممن يجوز تقليده في نفسه ، بأن يكون الرجوع إليه موافقاً للموازين الشرعية واقعاً ، وأما أن الاستناد أيضاً إلى فتوى ذلك المجتهد لا بدّ أن يكون مطابقاً للموازين الشرعية فلم يقم عليه أيّ دليل. فلو فرضنا أن المكلّف استند إلى فتوى مجتهد جامع للشرائط لا لمدرك شرعي يسوقه إليه بل لاتباع هوى نفسه ورغبته ، التزمنا بصحة عمله وتقليده مع العلم بأن استناده إلى فتوى المجتهد لم يكن مطابقاً للموازين ، وذلك لأنه من التقليد المطابق للقواعد واقعاً فلو قلنا بحرمة العدول عن تقليد المجتهد الجامع للشرائط ، أو قلنا بجواز البقاء على تقليده إذا مات مشروطاً بتعلّم فتاواه أو بالعمل بها حال حياته لم يجز في المثال