الميت ، ولا فرق بين الرجوع إليه وبين الرجوع إلى غيره من المجتهدين الأموات من الابتداء ، حيث إن كليهما رجوع إلى المجتهد بعد الموت وهو المعبّر عنه بالتقليد الابتدائي ، وقد تقدم عدم جوازه. ومعه يشترط في جواز البقاء على تقليد الميت أو وجوبه أن لا يكون المقلّد ناسياً لفتوى الميت ، هذا كلّه في الصورة الأُولى.
وأمّا الصورة الثانية : أعني ما إذا علمنا بالمخالفة بين المجتهد الميت والحي الّذي يسوغ الرجوع إليه في الفتوى ، فلا شبهة في أن العمل بما هو الموافق منهما للاحتياط مؤمّن من العقاب سواء أكان فتوى الميت أم الحي ، كما إذا أفتى أحدهما بالوجوب والآخر بالإباحة. وأمّا إذا فرضنا أن كلتا الفتويين على خلاف الاحتياط أو أن كلتيهما على وفق الاحتياط من جهة وعلى خلافه من جهة أُخرى ، فلا يخلو إما أن لا يعلم أعلمية أحدهما علم تساويهما أيضاً أم لم يعلم وإمّا أن يعلم أعلمية الميت من الحي أو العكس :
أمّا الصورة الاولى : أعني ما إذا لم يعلم أعلمية أحدهما مع العلم بمخالفتهما في الفتوى ، فلا يكاد أن يشك في أن الفتويين ساقطتان حينئذٍ عن الاعتبار لأن الإطلاقات كما مرّ غير شاملة للمتعارضين ، فلا حجية لفتوى الميت ولا الحي ومعه يتعيّن على المكلف الاحتياط ، لأن الأحكام الواقعية متنجزة في حقه ولا يمكنه الخروج عن عهدتها إلاّ بالاحتياط ، هذا إذا تمكن من الاحتياط.
وأمّا إذا لم يتمكّن من الاحتياط إما لدوران الأمر بين المحذورين وإمّا لعدم سعة الوقت للاحتياط ، كما إذا أفتى أحد المجتهدين بوجوب القصر في مورد وأفتى الآخر بوجوب التمام فيه ولم يسع الوقت للجمع بين القصر والتمام ، فهل حينئذٍ يجب الرجوع إلى أحدهما المعيّن لحجية نظره في حقه ، أو أن كلتا الفتويين ساقطتان عن الحجية كما في الصورة المتقدمة والوظيفة هو الامتثال الاحتمالي وهو العمل على طبق إحداهما مخيّراً لأن المكلف إذا لم يتمكن من الامتثال الجزمي في مورد تنزّل العقل إلى الامتثال الاحتمالي؟
الأخير هو الصحيح ، لعدم دلالة الدليل على حجية إحداهما المعيّنة بعد سقوط الإطلاقات عن الحجية بالمعارضة ، ومعه يتنزل العقل إلى الامتثال الاحتمالي لأنه