لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظا وافرا فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا
______________________________________________________
وبعد وفاتهم الدينار والدرهم ، ولا ينافي أن يرث وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال الدنيوية ، أو يقال وارثهم من حيث النبوة المختصة بهم العلماء فلا ينافي ذلك كون وارثهم من جهة الأنساب الجسمانية يرث أموالهم الظاهرة ، فأهل البيت عليهالسلام ورثوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الجهتين معا ، على أنه يحتمل أن يكون الأنبياء عليهمالسلام لم يبق منهم خصوص الدينار والدرهم بعد وفاتهم ، لكن الظاهر أنه ليس المراد حقيقة هذا الكلام ، بل المراد ما أومأنا إليه من أن عمدة أموالهم وما كانوا يعتنون به ويورثونه هو العلم ، دون المال وذكر الدينار والدرهم على المثال.
ويخطر بالبال وجه آخر وهو أن يكون المراد بقوله عليهالسلام : أن الأنبياء لم يورثوا بيان الموروث فيه ، لأنه عليهالسلام لما قال إن العلماء ورثة الأنبياء فكأن سائلا يسأل أي شيء أورثوا لهم؟ فأجاب بأنه لم يورثوا لهم الدرهم والدينار ولكن أورثوا لهم الأحاديث ، ولذا قال أحاديث من أحاديثهم ، لأن جميع علومهم لم يصل إلى جميع العلماء ، بل كل عالم أخذ منها بحسب قابليته واستعداده ، ففي الكلام تقدير : أي لم يورثوا لهم ، فيشعر بأن لهم ورثة يرثون أموالهم ولكن العلماء من حيث العلم لا يرثون إلا أحاديثهم ، وهذا وجه وجيه وإن كان قريبا مما مر.
قوله عليهالسلام فقد أخذ حظا وافرا : أي فقد أخذ أمرا عظيما شريفا على سياق قوله سبحانه ( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) أو فليأخذ حظا وافرا [ منهم ] لما قد تبين أنه شيء شريف ، وينبغي الإكثار من مثل هذا الشيء والمبالغة في طلبه ، والتفريع في قوله : فانظروا [ في ] علمكم هذا إما لأنه أمر شريف عظيم فينبغي التفكر والتدبر في مأخذه حتى لا يكون ما يؤخذ منه ناقصا أو مشوبا بغيره ، أو لأنه لما تبين أنه ميراث الأنبياء فينبغي أن يؤخذ ممن يكون علمه مأخوذا منهم ، ويكون وارثهم وأحق الخلق بهم ، وهم أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم