والعقل ذو كآبة وحزن وسهر قد تحنك في برنسه وقام الليل في حندسه يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه مستوحشا من أوثق إخوانه فشد الله من هذا أركانه وأعطاه يوم القيامة أمانه.
وحدثني به محمد بن محمود أبو عبد الله القزويني ، عن عدة من أصحابنا منهم جعفر بن محمد الصيقل بقزوين ، عن أحمد بن عيسى العلوي ، عن عباد بن صهيب البصري
______________________________________________________
والحزن ، والمراد بها ههنا الحزن على فوت الفائت ، أو عدم حصول ما هو متوقع له من الدرجات العالية ، والسعادات الأخروية.
قوله عليهالسلام قد تحنك في برنسه : وفي الكتابين قد انحنى في برنسه والبرنس بضم الباء وسكون الراء والنون المضمومة : قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك والعباد في صدر الإسلام ، وعلى نسخة الكتاب يومئ إلى استحباب التحنك للصلاة ، والحندس بالحاء المهملة المكسورة والنون الساكنة والدال المكسورة : الليل المظلم أو ظلمة الليل ، وقوله : في حندسه بدل من الليل ، ويحتمل أن يكون « في » بمعنى « مع » ويكون حالا من الليل والضمير راجع إلى الليل ، وعلى الأول يحتمل إرجاعه إلى العالم.
قوله عليهالسلام ويخشى : أي من لا يقبل منه وجلا أي خائفا من سوء عقابه داعيا إلى الله طالبا منه سبحانه التوفيق للهدي والثبات على الإيمان والتقوى ، مشفقا من الانتهاء إلى الضلال أو مشفقا على الناس ، متعطفا عليهم بهدايتهم والدعاء لهم ، « مقبلا على شأنه » أي على إصلاح نفسه ، وتهذيب باطنه « عارفا بأهل زمانه » فلا ينخدع منه « مستوحشا من أوثق إخوانه » لما يعرفه من أهل زمانه.
قوله عليهالسلام : فشد الله من هذا أركانه ، أي أعضائه وجوارحه أو الأعم منها ومن عقله ودينه وأركان إيمانه ، والفرق بين الصنفين الأولين إما بأن الأول غرضه الجاه والتفوق بالعلم ، والثاني غرضه المال والترفع به أو بأن الأول غرضه إظهار الفضل