١٤ ـ الحسين بن الحسن ، عن محمد بن زكريا الغلابي ، عن ابن عائشة البصري رفعه أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال في بعض خطبه أيها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه الناس
______________________________________________________
وهذا طريق إلى معرفة الرجال غير ما ذكره أرباب الرجال ، وهو أقوى وأنفع في هذا الباب فإن بعض الرواة نرى أخبارهم مضبوطة ليس فيها تشويش كزرارة ومحمد بن مسلم وأضرابهما وبعضهم ليسوا كذلك كعمار الساباطي ، وكذا نرى بعض الأصحاب أخبارهم خالية عن التقية كعلي بن جعفر ، وبعضهم أكثرها محمولة على التقية كالسكوني وأضرابه ، وكذا نرى بعض الأصحاب رووا مطالب عالية ومسائل غامضة وأسرار كثيرة كهشام بن الحكم ومفضل بن عمر ، ولم نر في أخبار غيرهم ذلك ، وبعضهم رووا أخبارا كثيرة ، وذلك يدل على شدة اعتنائهم بأمور الدين ، وبعضهم ليسوا كذلك وكل ذلك من مرجحات الرواة ويظهر الجميع بالتتبع التام فيها.
الحديث الرابع عشر مرسل والغلابي بالغين المعجمة والباء الموحدة ، نسبة إلى غلاب لأنه كان مولى بني غلاب وهم قبيلة بالبصرة.
قوله عليهالسلام من انزعج : قال الجوهري أزعجه أي أقلعه من مكانه فانزعج « انتهى » أي أن العاقل لا يضطرب ولا ينقلع من مكانه بسبب سماع قول الزور والكذب والبهتان فيه ، لأنه لا يضره بل ينفعه والحكيم لا يرضى بثناء الجاهل بحاله ، ومعائبه عليه ، لأنه لا ينفعه بل يضره ، وقيل : لأن الحكيم عارف بأسباب الأشياء ومسبباتها ، وأن التخالف يوجب التنافر ، وأن الجاهل لا يميل إلا إلى مشاكلة فلا يثني إلا على الجاهل ، أو من يعتقد جهله أو مناسبته له ، أو يستهزئ به باعتقاده أو من يريد أن يخدعه ، والحكيم لا يرضى بشيء من ذلك ، ويمكن تفسيره بوجه آخر وهو أنه لما كان الجاهل عاجزا عن حق إدراك العلم والحكمة والصفات الكمالية التي يتصف الحكيم بها بل كل ما يتصوره من تلك الكمالات ، فإنما يتصوره على وجه هو في الواقع منقصة ، فثناؤه عليه إنما هو بالمعاني المذمومة التي تصورها من تلك الكمالات ، فبالحقيقة مدحه