٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص قال إن كنت تريد معانيه فلا بأس.
______________________________________________________
الحديث الثاني صحيح.
قوله عليهالسلام إن كنت تريد معانيه : أي إن كنت تقصد حفظ معانيه فلا تختل بالزيادة والنقصان ، فلا بأس بأن تزيد وتنقص في العبارة ، وقيل : إن كنت تقصد وتطلب بالزيادة والنقصان إفادة معانيه فلا بأس ، وعلى التقديرين يدل على جواز نقل الحديث بالمعنى ، وتفصيل القول في ذلك أنه إذا لم يكن المحدث عالما بحقائق الألفاظ ومجازاتها ومنطوقها ومفهومها ومقاصدها لم تجز له الرواية ، وأما إذا كان ألما بذلك فقد قال طائفة من العلماء لا تجوز إلا باللفظ أيضا ، وجوز بعضهم في غير حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقط ، قال : لأنه أفسح من نطق بالضاد ، وفي تراكيبه أسرار ودقائق لا يوقف عليها إلا بها كما هي ، لأن لكل تركيب معنى بحسب الوصل والفصل والتقديم والتأخير وغير ذلك لو لم يراع ذلك لذهبت مقاصدها ، بل لكل كلمة مع صاحبتها خاصية مستقلة كالتخصيص والاهتمام وغيرهما ، وكذا الألفاظ المشتركة والمترادفة ، ولو وضع كل موضع الآخر لفات المعنى المقصود ، ومن ثم قال النبي صلى الله وعليه وآله نصر الله عبدا سمع مقالتي وحفظها ووهاها وأداها كما سمعها ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، وكفى هذا الحديث شاهدا بصدق ذلك ، وأكثر الأصحاب جوزوا ذلك مطلقا مع حصول الشرائط المذكورة ، وقالوا : كلما ذكرتم خارج عن موضوع البحث لأنا إنما جوزنا لمن يفهم الألفاظ ، ويعرف خواصها ومقاصدها ، ويعلم عدم اختلال المراد بها فيما أداه ، وقد ذهب جمهور السلف والخلف من الطوائف كلها ، إلى جواز الرواية بالمعنى إذا قطع بأداء المعنى بعينه ، لأنه من المعلوم أن الصحابة وأصحاب الأئمة عليهالسلام لم يكونوا يكتبون الأحاديث