٣ ـ وعنه ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن داود بن فرقد قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إني أسمع الكلام منك فأريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيء قال فتعمد ذلك قلت لا فقال تريد المعاني قلت نعم قال فلا بأس.
______________________________________________________
عند سماعها ، ويبعد بل يستحيل عادة حفظهم جميع الألفاظ على ما هي عليه ، وقد سمعوها مرة واحدة خصوصا في الأحاديث الطويلة مع تطاول الأزمنة ، ولهذا كثيرا ما يروى عنهم المعنى الواحد بألفاظ مختلفة ، ولم ينكر ذلك عليهم ، ولا يبقى لمن تتبع الأخبار في هذا شبهة ، نعم لا مرية في أن روايته بلفظه أولى على كل حال ، لا سيما في هذه الأزمان لبعد العهد وفوت القرائن وتغير المصطلحات ، وبالغ بعضهم فقال : لا يجوز تغيير « قال النبي » إلى « قال رسول الله » ولا عكسه وهو عنت بين بغير ثمرة ، وقال بعض الأفاضل : نقل المعنى إنما جوزوه في غير المصنفات ، أما المصنفات فقد قال أكثر الأصحاب لا يجوز حكايتها ونقلها بالمعنى ، ولا تغيير شيء منها على ما هو المتعارف وهو أحوط.
الحديث الثالث ضعيف على المشهور.
قوله عليهالسلام فتعمد ذلك : بالتائين وفي بعض النسخ بحذف إحداهما للتخفيف والتعمد القصد يقال تعمدت الشيء أي قصدته ، يعني أتتعمد ترك حفظ الألفاظ وعدم المبالاة بضبطها ، أو أنت نسي يقع ذلك منك بغير تقصير ، أو المعنى أفتقصد وتريد أن ترويه كيف ما يجيء زائدا على إفادة المعنى المقصود أو ناقصا عنه « قال : تريد المعاني » أي أتريد رواية المعاني ونقلها بألفاظ غير مسموعة وعبارات مفيدة من غير زيادة ونقصان فيها ، ويمكن أن يقال : لما كان قول السائل يحتمل وجهين أحدهما عدم المجيء أصلا ، والآخر عدمه بسهولة استفهم عليهالسلام وقال : أفتقصد عدم المجيء وتريده عمدا وتترك اللفظ المسموع لأجل الصعوبة فأجاب السائل بأن المراد الأمر الأول ، وما في بعض النسخ من قوله : فتعمد بالتاء الواحدة قيل : يجوز أن يكون من المجرد يقال : عمدت الشيء فانعمد ، أي أقمته بعماد معتمد عليه ، أو من باب الأفعال يقال أعمدته أي جعلت تحته عمادا ، والمعنى في الصورتين أفتضم إليه شيئا من عندك تقيمه وتصلحه به ، كما يقام الشيء بعماد يعتمد عليه.