قلت فكيف يصنعان قال ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته
______________________________________________________
قوله عليهالسلام ممن قد روى حديثنا : أي كلها بحسب الإمكان أو القدر الوافي منها ، أو الحديث المتعلق بتلك الواقعة ، وكذا في نظائره ، والأحوط أن لا يتصدى لذلك إلا من تتبع ما يمكنه الوصول إليه من أخبارهم ليطلع على المعارضات ويجمع بينها بحسب الإمكان.
قوله عليهالسلام فإني قد جعلته عليكم حاكما : استدل به على أنه نائب الإمام في كل أمر إلا ما أحوجه الدليل ، ولا يخلو من إشكال ، بل الظاهر أنه رخص له في الحكم فيما رفع إليه لا أنه يمكنه جبر الناس على الترافع إليه أيضا ، نعم يجب على الناس الترافع إليه والرضا بحكمه ، وقال بعض الأفاضل : قوله عليهالسلام : فإني قد جعلته عليكم حاكما يحتمل وجهين : الأول : قد صيرته عليكم حاكما ، والثاني : قد وصفته بكونه حاكما عليكم ، وقد حكمت بذلك وسميته بالحاكم ، كقوله تعالى ( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً ) (١) فعلى الأول يكون حكومة المجتهد بنصبه عليهالسلام لها ، فلا يثبت له حكومة بدون النصب ما لم يدل دليل آخر ، وعلى الثاني تكون المجتهد متصفا بالحكومة ، ويكون قوله عليهالسلام مبينا لاتصافه بها ، والثاني أولى بوجوه : منها أنه لم يكونوا عليهالسلام في تلك الأعصار ينصبون الحكام ، ومنها أنهم لو نصبوا لأعلموا الناس بذلك ولكان هذا من المعلوم عند الإمامية ، ومنها أنه لم يعهد نصب غير المعين. ومنها : أن الضرورة ماسة بحكومة الفقيه أما عند الغيبة فظاهر ، وأما مع ظهور الحجة فلعدم إمكان رجوع الكل في كل الأحكام إلى الحجة لا بواسطة ، ولو حمل على الأول فإما أن يحمل على نصبه عليهالسلام الفقيه في عصره وفي الأعصار بعده ، أو على نصبه في عصره ، وعلى الأول فيكون الفقيه منصوبا ما لم ينعزل بعزله أو بعزل من يقوم مقامه ، وعلى الثاني ينقضي نصبه بانقضاء أيامه
__________________
(١) سورة زخرف : ١٩.