ذلك قال من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) (١)
______________________________________________________
فيه بعد الأخذ ، وبحرمة الأخذ عدم جواز إزالة يد المدعي واستقرار اليد عليه ، فقوله عليهالسلام في الجواب : من تحاكم إليهم. يحتمل العموم والشمول للأعيان والديون والمواريث وغيرها.
وقوله عليهالسلام : فإنما يأخذ سحتا ، إن حمل على أنه يأخذ أخذا سحتا أي حراما فعلى عمومه وإن حمل على أنه يأخذ مالا سحتا فمخصص بما لا يكون المدعى به عينا معلوم الحقية للمدعي ، فإن له التصرف في المأخوذ حينئذ بخلاف ما إذا كان ثابت الحقيقة عنده بحكم الحاكم ، أو مظنون الحقية أو مشكوكها ، أو كان المدعى به دينا ، فالاستحقاق في العين والتعين في الدين بحكم الطاغوت لا يوجب جواز التصرف ، كما ذكره بعض المحققين.
قوله تعالى ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) الطاغوت مشتق من الطغيان وهو الشيطان أو الأصنام ، أو كل ما عبد من دون الله أو صد من عبادة الله ، والمراد هنا من يحكم بالباطل ويتصدى للحكم ، ولا يكون أهلا له ، سمي به لفرط طغيانه أو لتشبهه بالشيطان أو لأن التحاكم إليه تحاكم إلى الشيطان من حيث أنه الحامل عليه والآية بتأييد الخبر تدل على عدم جواز الترافع إلى حكام الجور مطلقا ، وربما قيل بجواز التوسل بهم إلى أخذ الحق المعلوم اضطرارا مع عدم إمكان الترافع إلى الفقيه العدل ، وبجواز الاستعانة بهم في إجراء حكم الفقيه ، وأيد ذلك بقوله تعالى ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا ) فإن الترافع على وجه الاضطرار ليس تحاكما على الإرادة والاختيار ، والمسألة قوية الإشكال.
__________________
(١) سورة النساء : ٦٠.