يا أخا أهل مصر إن الذي تذهبون إليه وتظنون أنه الدهر إن كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم القوم مضطرون.
______________________________________________________
الصانع من الصفات التي بها احتاج المصنوع إليه من التركب والاحتياج والإمكان وغير ذلك كما سيأتي مفصلا في الأخبار ، فالمراد بالأكبر : الأكبر من أن يتصف بصفة المضطر ، وقال بعض المحققين : أشار بكونه أحكم إلى عدم جواز احتياجه في وجوده إلى محل وموضوع ، فلا يكون من أحوال المضطر وعوارضه بكونه أكبر إلى عدم جواز كونه محاطا بما ألجأه ومحصورا فيه ، فلا يكون قائما بمحل ولا محاطا للمضطر ومحصورا فيه ، أو المراد بالأكبر أكبر من أن يوصف بمثل صفة المضطر.
قوله عليهالسلام يا أخا أهل مصر : هذا هو الوجه الثاني ، وهو مشتمل على إبطال مذهب الخصم القائل بمبدئية الدهر للكائنات الفاسدات كقولهم : إن يهلكنا إلا الدهر.
قوله عليهالسلام إن كان الدهر يذهب بهم : يحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى ذوي العقول ، إشارة إلى التناسخ الذي ذهبوا إليه ، أو إلى الأعم تغليبا ، والمراد بذهابهم وردهم إعدامهم وإيجادهم ، والمراد بالدهر الطبيعة كما هو ظاهر كلام أكثر الدهرية أي نسبة الوجود والعدم إلى الطبائع الإمكانية على السواء ، فإن كان الشيء يوجد بطبعه ، فلم لا يعدم بدله ، فترجح أحدهما ترجح بلا مرجح ، تحكم بديهة العقل باستحالته أو المراد بذهابهم ورد هم تقلب أحوالهم وشؤونهم وحركاتهم ، فالمعنى لم يقتضي طبعه ذهاب شيء ولا يقتضي رده وبالعكس ، بناء على أن مقتضيات الطبائع تابعة لتأثير الفاعل القادر القاهر ، وعلى احتمال الثاني الذي أشرنا إليه في صدر الحديث يحتمل أن يكون المراد به أن الدهر العادم للشعور والإرادة والعلم بالمصلحة كيف يصدر عنه الذهاب الموافق للحكمة ، ولا يصدر عنه بدله الرجوع المخالف لها وبالعكس وقوله عليهالسلام القوم مضطرون أي الملاحدة والدهرية يلزمهم قبول ذلك بمقتضى عقولهم التي منحها الله تعالى لهم ، ولا يمكنهم رده ، أو المراد بالقوم جميع الممكنات تغليبا ، والمراد به اضطرارهم في الوجود وما يتبعه من الصفات ولوازم المهيات ، قال بعض المحققين