فقال الرجل فإذا إنه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس فقال أبو الحسن عليهالسلام ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا بخلاف شيء من الأشياء.
قال الرجل فأخبرني متى كان قال أبو الحسن عليهالسلام أخبرني متى لم يكن
______________________________________________________
استنادهما فيه إلى ثالث ، إذ لا ثالث في تلك المرتبة ، ولا استناد أحدهما إلى الآخر إذ لا يوجب القابلية فعلية الوجود لذاته ، ولا فعلية الخلو عن كماله ، والاستعداد لما هو نقص له ، ولأن الأين لا يكون إلا لمتقدر ، ولا يجوز عليه التقدر بالمقدار كما سنبينه ، ولا يدرك بحاسة إذ لا كيفية له ولا إحساس إلا بإدراك الكيفية ، ولا يقاس بشيء أي لا يعرف قدره بمقياس إذ لا أين ولا مقدار له ، فقال الرجل : فإذا أنه لا شيء يعني أردت بيان شأن ربك فإذا الذي ذكرته يوجب نفيه ، لأن ما لا يمكن إحساسه لا يكون موجودا ، أو المراد أنه فإذا هو ضعيف الوجود ضعفا يستحق أن يقال له لا شيء.
وقوله عليهالسلام لما عجزت حواسك عن إدراكه أي جعلت تعاليه عن أن يدرك بالحواس وعجزها عن إدراكه دليلا على عدمه أو ضعف وجوده ، فأنكرت ربوبيته ونحن إذا عرفناه بتعاليه عن أن يدرك بالحواس أيقنا أنه ربنا ، بخلاف شيء من الأشياء ، أي ليس شيء من الأشياء المحسوسة ربنا لأن كل محسوس ذو وضع ، وكل ذي وضع بالذات منقسم بالقوة إلى أجزاء مقدارية لا إلى نهاية ، لاستحالة الجوهر الفرد ، وكل منقسم إلى أجزاء مقدارية يكون له أجزاء متشاركة في المهية ، ومشاركة للكل فيها ، وكلما يكون كذلك يكون محتاجا إلى مبدء مغاير له ، فلا يكون مبدء أول بل يكون مخلوقا ذا مبدء ، فما هو مبدء أول لا يصح عليه الإحساس ، فالتعالي عن الإحساس الذي جعلته مانعا للربوبية وباعثا على إنكارك مصحح للربوبية ودل على اختصاصه بصحة الربوبية بالنسبة إلى الأشياء التي يصح عليها أن يحس.
قوله : فأخبرني متى كان؟ الظاهر أنه سئل عن ابتداء كونه [ وتكونه ] ووجوده